اذاعة الجامعة الاردنية سؤال قلق ؟
فارس الحباشنة
17-09-2009 03:12 PM
بعد حوالي ستة اشهر على انطلاقة اذاعة الجامعة الاردنية ما زال الدور المطلوب منها مجهولا وغير مفهوم رغم انفاقها مئات الاف من الدنانير على امور فنية ولوجستية .
يقول خبراء في ادارة الاذاعات انها لا تحتاج الا لشهرين على الاكثر لاتمامها على اكمل وجه .
والاغرب من ذلك أن الاذعة التي تبث عبر موجات الاف ام وعلى مدار 24ساعة يوميا لا يتجاوز مخطط برامجها مزاج سائق سرفيس كان يعيش في بيروت في سبعينيات القرن الماضي ، اذ انها تقسم اوقات بثها لمجوعات اغاني صباحية لفيروز تمتد من الساعة السادسة صباحا حتى العاشرة يليها اغاني لنجاة الصغيرة ووردة وكاظم الساهر تمتد للرابعة مساء ، وثم مجموعة من الطرب العربي القديم و الموشحات الشامية ويكون الختام سهرة تمتد من الساعة العاشرة مساء الى فترة الصباح يتخللها مجموعات اغاني لعبد الحليم حافظ وام كلثوم وفريد الاطرش و غيرها من اغاني تراث الموسيقي العربي .
تعتقد أنك حقيقة أمام مشاهد صوتية لروتانا زمان او روتانا طرب وغيرها مجموعة الروتانيات ، و كأن المؤسسة الاعلامية الاردنية لا ينقصها الا محطات اغان تبث على مدار الساعة.
ما تقوم به الجامعة الاردنية على هذا الصعيد يثير قلقا معرفيا حول دور الجامعة المجتمعي والتنموي و كيفية انتاجها لرسالتها المعرفية والثقافية التنويرية وسط ممحاكات سياسية اجتماعية واقتصادية تحاول اقصاء المعرفة والثقافة واحلال قيم ما بعد الاستهلاك وثقافة التغريب والتبذير واللامبلاة السياسية والاجتماعية .
عندما تفقد جامعة كالاردنية لتوجيه دورها الحقيقي في بث رسالتها للمجتمع وللرأي العام فان ثمة أشكال كبير يحيط سياسية التعليم العالي في الاردن خاصة في ظل التحدي المعرفي الثقافي الكبير الذي يواجه الاجيال الشابة الصاعدة في حرم الجامعات الاردنية .
فهل الكودار الاكاديمية في الجامعة غير قادرة على التخطيط للسياسية الاذاعة و برامجها ؟ ام ان الاذاعة نموذج حي لاقصاء الثقافة والمعرفة عن المجتمع و ترك الاخير ينساق وراء افرازاته اللامتناسقه واللاطبيعية واللاعقلانية .
التحدي كان ومازال كبيرا للجامعة الاردنية ، الاولى اردنيا فكيف يمكن ان تترك الساحة للظلاميين وللمنحرفين عن طبائع المجتمع والدولة يمارسون سلطتهم على المجتمع ويوجهونه حسبما تقتضي مصالحهم العليا التي لا تتقاطع في اغلب الاحوال مع مصالح الوطن وشعبه .
ازمة الاذاعة التي اطلقت في عهد د. خالد الكركي تثير أيضا استفهامات جانبية توازي ما تطرقنا اليه سابقا ، فالرجل المحمل بارث ثقافي وادبي لا يقل عن تسميته بمشروع وطني كبير استطاع أن يؤسس لحالات ابداع كبرى في الثقافة الاردنية على مر العقود الماضية وترك بصمات تاريخية في مواقع عمله ، ان هذا الامر يدفعنا لقراءة المشهد من الوراء خلافا للقراءات التقليدية التي تواجه المشهد من الامام أو تكون جانبيه .
فالقراءة الخلفية للمشهد هنا ، تكشف عن مفارقات واسعة بين المشروع والتطبيق وفجوة بين العلامة ورمزها والفكرة والواقع ، وكأن هناك عائق بيروقراطي يسكن بنا في كل شيء ، أم أننا أمام حالة انفصام للفكرة التي تتربي في بئية وترفض أن تعيش بها .
فلا صباح عمان ولا ليلها بحاجة الى اغاني فيروز وام كلثوم و عبد الحليم حافظ ، فالمساء يطبق على صدورنا ونحن في حالة اندهاش و قلق بالمعرفة والفكر .