رندا حبيب تكتب :هل تلجأ المحاكم لاعتماد الوساطة في القضاء الجزائي ؟
17-09-2009 02:28 PM
اعتمد الأردن في عام 2006 مبدأ إدارة الدعوى للأمور المدنية، حيث يتم حل خلافات مالية بصورة مستعجلة، وقد اثبت ذلك نجاعة ونجاحا في حل سريع لهذه القضايا.
فأمام ازدحام المحاكم بالقضايا، وبالتالي البطء في صدور الأحكام، يأتي قضاء إدارة الدعوى ليحل نزاعات مالية عن طريق وسطاء قضائيين أو خصوصيين على أساس الخيار الذاتي والاتفاق بين الأطراف المتنازعة.
هذه الطريقة تحل الخلافات بسرعة وتوفر على الخصوم المال والوقت، كما تجنبهم إجراءات المحاكم الطويلة التي قد تزيد الأمور تعقيدا كلما طال أمد الخلاف.
جميع القضاة الذين تحدثت معهم أكدوا نجاح هذه التجربة التي تم إعتمادها فقط في بعض القضايا المدنية.
والسؤال: لماذا لا يتم تطوير هذا الأسلوب وإستعماله في أصول المحاكمات الجزائية البسيطة، كما هو معمول به في العديد من الدول المتقدمة؟.
إن قضايا الإيذاء البسيط، الشتم، القدح والذم، والخلافات العائلية يمكن إخضاعها جميعا لمثل هذا النظام.
في هذا الحال يمكن حل الخلافات خلال جلسة أو إثنتين، حال اتفق الخصوم على مبدأ التعويض أو الاعتذار. ففي قضايا التشهير مثلا، والتي تشهد تزايدا مستمرا يوما بعد يوم، ليس أمام "ضحايا" القدح والذم إلا السكوت على مضض أو الذهاب إلى المحاكم والانتظار أشهرا بل سنوات أحيانا لاستعادة حقهم وصيانة كرامتهم.
ما دفعني في مقال سابق إلى اقتراح هيئة مستقلة مكونة من شخصيات تحظى بالاحترام للنظر بقضايا الصحافة وعلى رأسها التشهير، هو غياب جهات قضائية تتصف بسرعة النظر والبت في مثل هذه الامور، حيث تستطيع هذه الهيئة أن تلعب دور الوسيط والمحكم بعد اطلاعها على الأدلة.
وإذا ارتأت هذه الهيئة أن مؤسسة إعلامية ما قد ثبت افتراؤها مثلا على شخص طبيعي أو معنوي، فسيطلب من هذه المؤسسة نشر اعتذار علني، وان أبت فللهيئة الحق في إعلان ونشر كل التفاصيل المتعلقة بالقضية مما سيؤثر سلبا على مصداقية الجهة المفترية.
على الرغم من وجود طرق أخرى للوساطة في المجتمعات تبقى الوساطة عن طريق القضاء هي الأقوى والأكثر فاعلية وقدره على إنزال العقوبة وفرض الاعتذار العلني على من افترى.
لذا أتمنى أن يتم الإسراع في تبنى المحاكم المستعجلة في القضاء الجزائي.