طارق مصاروة .. قلم لم ينكسر
د. عدنان سعد الزعبي
22-04-2019 06:20 PM
رحم الله أستاذنا طارق مصاروة، فقد التقيته عام 1980 في صحيفة الرأي حيث كنت طالب إعلام في جامعة اليرموك والتقيته مرة أخرى عام 1983 في التلفزيون الاردني في مكتب الراحل محمد كمال حيث كنت أتدرب في التلفزيون الاردني لاغراض التعيين. وفي كلتا الحالتين كنت دائما ابدي احترامي وتقديري للجرعات الوطنية التي كان الراحل يشحنها فيمن يجلس معه. فهو صاحب ثوابت في عمله الإعلامي حيث يقول: “إن الحق والشعب والوطن ثلاثة لا بديل عنها في ضمائرنا“.
كان رحمه الله لا يتوانى عن نقد أي مسؤول أو مشروع او استراتيجية لا تحقق احد هذه الثوابت وبأسلوب اختزالي جميل نتعلم منه الفكرة وبالتالي الفكر واللغة وجمال التعبير .
رحم الله ابا علي فقد زاملته في صوت الشعب عام 1986 عندما كان رئيسا لتحريرها وكانت توجيهاته لنا دائما المثابرة والتحمل. وعملت بمعيته ما يزيد عن عام حيث كانت صوت الشعب شمعة مضيئة وسط الإعلام الأردني تتميز بالجرأة والسقف العالي وقول الحق، غايته الشعب وطموحه المواطن.
رحم الله أبا على عندما تشرفت بزيارته للعرب اليوم عام 2012 عندما كنت رئيس هيئة المحررين فيها واصطحبني معه إلى لقاء في مركز الغدد الصماء وأمراض السكري حيث يعقد الدكتور كامل العجلوني مؤتمرا صحفيا عن هذا المرض في الأردن. فكانت تعليقاته تنصب في دور الإعلام التوعوي والإعلام الصحي بل التربية الصحية التي يجب أن تشارك بها كل القطاعات، وعاب على الحكومة حيث تمسك بزمام الإعلام دورها في توعية الناس
رحم الله أبا علي الذي تشرفت بزيارته لمكتبي في وزارة المياه عام 2014 وأعلمني بأنه يقوم بمشاريع حصاد المياه لمنزله وأنه لا يحتاج حنفية السلطة ولا ماءها وتمنيت عندها أن تكون المواطنة لدى كل الأردنيين بهذا المستوى.
رحم الله أبا على شجاعا صادقا حرا لا يقبل الخطأ ولا يشجع عليه، وعندما سالته عن تقييمه لإعلامنا الأردني عام 2014 قال لي على ما أذكر: “المشكلة ليست بالإعلام. المشكلة بمن يقومون عليه، فإذا اردت إفساد الشعوب، رأس عليهم من لا يعرفهم ولا يدرك أولوياتهم وأوجاعهم “
اليوم وقد ودعنا حياة عزيز مليئة بالعطاء والمثل العليا، فإننا نستذكر في المرحوم وطنيته وحبه لثرى هذا لوطن وانتمائه لمعادلة المواطنة الصادقة التي تخلق من الفرد مواطنا صالحا.
رحم الله أبا علي ونحن نستذكر تاريخه المتفاني مع صحبه من شلة الإعلام الغيورين الطموحين بالارتقاء بالنهج الإعلامي الوطني والتصدي للحاقدين على الوطن الذين أشبعوا الدنيا صراخا وحقدا، لنجد صوتا أردنيا معتدلا صادقا يؤمن بالقومية ويرفض الغرور والاحتكار السياسي.
نودع اليوم زميل عتيق تليد ونتطلع لواقع يخلو من أعمدة إعلامية اللهم ما ندر، نراهم يكتبون وأقلامهم مرتجفه من سلطة من يعتقدون أنهم على رأس القانون. فالقانون المسلط على الرقاب قانون عقاب لا قانون توجية وضبط وتطوير، فلا يدعي أحد أنه نصير للديمقراطية بكلمات أو تصاريح معسولة، من منطلق أن تعزيز الحرية يحتاج لمن يعرف معناها، ويدرك المهنية في الحرية ومسؤولياتها في العمل الإعلامي.
رحمك الله أستاذنا وأغمدك فسيح جنانه.