ربما تكون افضل جملة ذكرت على لسان رئيس وزراء اردني خلال العشرين عاما الماضية هو ما قاله دولة الدكتور عمرالرزاز في مؤتمره الصحفي الأخير ( 3% من سكان المنطقة العربية احرزوا وحققوا نجاحا في الحصول على 26% من جوائز الاعمال الريادية في العالم العربي ) جاء ذلك تعقيبا على اختيار 26 شركة اردنية ناشئة Start up من بين الشركات الى 100 على مستوى الوطن العربي التي تمت دعوتها للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد في البحر الميت.
أستطيع ان اقول وبكل ثقة انه لا انتصارنا على داعش ولا خروجنا من الربيع العربي آمنين يعادل في قيمته هذا الإنجاز ، لأن ما كان لن يكون, وهو فصل من التاريخ مضى وانقضى , اما هذا الانجاز رغم ضآلته المادية فهو من المستقبل .
تعتبر تكنولوجيا المعلومات او صناعة الهاي تيك Hi-tech احد القطاعات الواعدة الرئيسية الثلاث في الاردن اضافة الى السياحة والنقل واللوجستيات .العالم اليوم يقف على حافة ثورة تكنولوجية ستعمل على تغيير أنماط الحياة والسلوك هي الثورة الصناعية الرابعة من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات وإنترنت الأشياء والطابعات ثلاثية الأبعاد وتقنية النانو والمدن الذكية والتقنية الحيوية وغيرها الكثير.
الثورة الصناعية الرابعة توفر فرصة كبيرة للاردن لخلق فرص عمل واحداث نمو حقيقي نابع من قدرة القطاع الخاص على حل مشاكل الاردن الاقتصادية وهو الوحيد من بين الدول العربية المؤهل للولوج الى الثورة الصناعية الرابعة بالإمكانيات المحتملة لأبناءه وبناته, وهناك قصص نجاح مذهلة في هذا المجال لكن التحدي هو تحويل الحالات الفردية الى قطاعات تنافسية على المستوى العالمي .هي كذلك فرصة لهجر الانماط التقليدية من التركيز على هبة الطبيعة والبحث عن الثروات الدفينة , لا عذر لدينا اليوم فنحن متساوون امام جميع الدول في الاستفادة من هذه الثورة ,متساوون بعقولنا وبمصادرنا البشرية.
اعتقد ان الخط الذي يسير عليه الدكتور عمر الرزاز ليس إيجاد حلول للمشاكل التقليدية التي يعاني منها الاقتصاد الاردني والمتعلقة مثلا بتسويق المنتوجات الزراعية او عقبات التصدير او ارتفاع كلف الطاقة او غيرها بقدر ما هو تجاوز الاقتصاد الريعي التقليدي ومشاكلة الى نموذج الاقتصاد المنتج والمتطور والمنافس ، لان سرعة التطور التكنولوجي لن تعطيك رفاهية الوقت لحل مشاكلك التقليدية ، اذكر ان الصين يوما ما كانت تواجه مشكلة تقديم خدمات الهاتف الأرضي لمواطنيها وكان التحدي هو ان كل كميات النحاس في العالم لن تكفي لصناعة الكوابل المطلوبة للوصول لكل بيت ومواطن ، لا الصين كانت قادرة على حل هذه المشكلة ولا ظهور الهاتف الخليوي سمح ببقائها. رئيس الحكومة الحالي هو الأقدر على إعداد وتأهيل الاردن للتعامل مع التحديات التي تفرضها هذه الثورة وتكييف القطاع العام وإصلاح التعليم وإيجاد البيئة التنظيمية القادرة على استيعاب التقنيات الرقمية للمنصات ونماذج الاعمال التي تتطلبها هذه المرحلة .
قطاع اخر واعد شهد نموا ملفتاً في الربع الاول هو القطاع السياحي الذي يحتاج بالطبع الى المزيد ، اما القطاع الواعد الثالث فهو النقل واللوجستيات وهو قطاع شبه متوقف لكنه يحمل فرصا استثنائية من خلال ربط الغرب مع الشرق والشمال من دول الجوار عبر سكك الحديد وإنشاء مدينة لوجستية في المفرق على غرار المدن اللوجستية في مصر وفي سلطنة عمان .
مفتاح المستقبل هو الايمان بقدرة الاردن كنموذج للنجاح والازدهار وحلقة متصلة في سلسلة الاقتصاد الاقليمي والعالمي وليس من قبيل الصدفة ان القطاعات الرئيسية الثلاث الواعدة في الاردن مرتبطة بشكل او باخر بالاقتصاديات الاقليمية في المنطقة ومعتمدة عليها.
من المؤسف ان يفقد الاردني ايمانه بوطنه وينهمك بترديد الشائعات عن المشاريع السياسية في المنطقة ويغلف نفسه بالسوداوية والسلبية وينسى ان الاردن تجاوز اضحم التحديات طيلة قرن من الزمان, سنعبر موجة" صفقة القرن" بسلام ولن تتغير في هذا البلد لا جغرافيته ولا ديمغرافيته ولا دبلوماسيته المعتمدة على حلفائه وشركائه التقليديين, يعلمنا التاريخ ان النجاح هو أن تفكر في مستقبل أحفادك بدل التوقف عند نتائج حروب أجدادك.
Mutaz876@gmail.com