تغبطنا نحن معاشر الموظفين المغلوب على امرهم ، مغانم وكرامات الحكومات الاردنية المتعاقبة ، تلك التي نتلضى بها يوميا بحرقات التباينات الوظيفية ، وطبقية سلالم الرواتب الموغلة في التعالي ، فتقسم الموظفين الى قسمين فمنهم اصحاب الحظوة والمكانة اؤلاءك المحظوظين بمسمياتهم ومناصبهم الموقرة ، التي انعمها عليهم المتسيدين للقرار الاداري في مؤسسات العمل العام تقديرا لكفاءتهم واحقاقا لما يملكونه من مؤهلات ومقدرات تعجز عنها الخلائق .
اما النوع الاخر من الموظفين، فهم الذين لا حول لهم ولا قوة، وهم الذين وجدوا الوظيفة جل امانيهم ومنتهى مآربهم يتشبثون بها كمن يتشبث بالروح،خوفا وجزعا من طارئ ينغص استقرارهم الوظيفي او ناعق يحرمهم لقمة عيشهم . يأتمرون باوامر اسيادهم المسؤولين وينفذون دون نقاش او تردد اوامر المحظوظين ، لاعزاء لهم الا شهادتهم التي بذلوا من اجلها الغالي والرخيص. وخبراتهم التي اكلت من عرقهم وجهدهم سنوات عجاف .
فالنظام الوظيفي المعتمد في بلدنا الحبيب ينطوي على تباينات وثغرا ت صارخة، نلحظها من خلال الظلم المجحف بحق كثيرين من موظفي القطاع العام، فاصحاب الحظوة والمكانة من الموظفين ينبلج لهم الحظ عن وظيفة ذات مقام ومقال ، في احدى المؤسسات العامة ، ذات النظام الخاص ، تلك التي يختلف نظامها عن نظام الخدمة المدنية ، فيتنعم موظفها بما لذ وطاب من سلم الرواتب والمكافآت والمياومات والبدلات وغير ذلك ، في حين يقبع الموظف غير المحظوظ في وظيفة مماثلة في احدى مؤسسات القطاع العام ، راضيا وقانعا بما ابتلاه به ربه والراسخون في العمل العام ، والا فما معنى ان يحصل موظف جديد في احدى المؤسسات المدللة ، على راتب اعلى بكثير من موظف يعمل في نفس المهنة ، بمؤسسة تتبع نظام الخدمة المدنية ، وبخبرة تماثل سنوات عمر الموظف الجديد .
وما معنى ان ينزل موظف بالبراشوت على وظيفة بعقد في مؤسسة او وزارة يتقاضى بموجبها راتبا يقارب راتب الوزير الذي عينه ، في حين ان موظف اخر بنفس المؤهلات وبنفس التخصص وفي نفس الوزارة ويعمل منذ سنوات عجاف ، لايحصّل نصف راتب الاول .
ثم هناك نوع اخر من السعداء اصحاب الحظوة والمكانة ، يتوفرون على صفات عجيية غريبة تتمثل بالقدرة على التلميع والتدليع والتسميع الذي يحسنونه ولا يحسنه غيرهم ، وقد تضاف الى مؤهلات هؤلاء القوم الكرام ، قوامة القد وحسن الوجه، او قرابة المسؤول وتبعات المنصب والجاه ، وغير ذلك من المؤهلات التي لا راد لها الا حكم الله . مما يجعلهم ينعمون بمقامات ومراتب ينتشلهم اليها الموغلون في الشفافية والعفافية ، يغدقون عليهم بكل ما انعم الله على عباده من المكافآت والمياومات والسفرات وغيرها من المقبلات والمنعمات الوظيفية . في حين يتجرع الموظفون الموغلون في الهم المنغصات والملمات والمديونيات .
ترى اي عدل في ذلك ، اما آن لفارس التغيير في الحكومات المتعاقبة ان يترجل عن صهوة خيلائة ، ليرى بام عينه كل هذا الاسفاف الذي هو احد اسباب الفساد ، نعم انه الفساد بعينه يتغلغل في اس النظام الوظيفي ، يعتمره ثوبا يستتر به ، ويتسربل بالتعليمات الادارية غطاء غير قابل للطعن او التجريح ، نعم انه النظام الوظيفي الذي يفرق بين الموظف واخيه ، ويبعد عنه صاحبته وبينه ،
فما رايكم دام عزكم .