لا أقصد الاستعداد للصيام بل لتجدد الاحتجاجات بأقوى وأوسع مما حصل في رمضان الفائت قبل عام حين قادت اعتصامات الدوار الرابع إلى إسقاط حكومة الملقي؟! حول ذلك توجد وجهتا نظر. الأولى تقلل من المخاوف وترى ان الاحتجاجات لن تتجاوز ما كنا نشهده كل خميس من تجمع قرب الرابع اقتصر على بعض الحراكات التي لا تحشد اكثر من بضع مئات. ووجهة النظر هذه تعتقد ان الشيء الوحيد الذي على الحكومة ان تحرص عليه هو عدم اتخاذ اي قرار يستفز الناس ويحملهم اعباء اضافية أو ينال من لقمة عيشهم. وبالمقابل هناك وجهة نظر ثانية ترى ان تجدد الاحتجاجات وارد بقوّة وباتساع يتجاوز رمضان الماضي ومن الخطأ الفادح تجاهله، ويجب على الحكومة والدولة ان تتحوط بخطة استباقية أو برنامج او مبادرة تنقل الموقف كله إلى مستوى جديد.
قريبا من وجهة النظر الأولى يرى البعض ان مشروع صفقة القرن يقف وراء الباب ويغيّر كل المقاربات ويستدعي تنحية كل حديث عن الاصلاح السياسي الذي يمكن ان يفسر بأنه تجاوب وتأهيل للتعامل مع الصفقة المزعومة وأن الأولوية الآن لوحدة الساحة الداخلية وتحشيد القوى لرفض الصفقة ومواجهتها. بالمقابل وقريبا من وجهة النظر الثانية يرى البعض ان الاصلاح السياسي هو المدخل لتقوية الساحة الداخلية وتأهيلها في مواجهة الصفقة المزعومة والضغوط المحتملة.
ما هو السيناريو المرجح وبأي وجهة نظر يجب ان تأخذ الحكومة؟! طيب لو أخذت بوجهة النظر الثانية فما عساها أن تفعل غير ما تقوم به الآن وهي كما نفترض وضعت افضل برنامج ممكن عمليا ولا تألو جهدا لتطبيق خطتها التنفيذية للعام الحالي 2019؟! لقد قدم الرئيس كشف حساب عن انجازات الربع الأول من العام في مؤتمر صحفي قبل ايام وليس باليد تحقيق أكثر من ذلك! أو بتعبير آخر لا يوجد عصا سحرية تؤدي بضربة واحدة لإنعاش الاقتصاد والقضاء على البطالة ورفع مستوى المعيشة. قد يكون هناك قصورات في أداء بعض المؤسسات والوزارات ولا ادري اذا كان ذلك هو وراء الحديث هذه الايام عن تعديل يشمل نصف الوزارات ؟!
اذا كان الرئيس ينوي بالفعل اجراء تعديل وزاري موسع على ابواب رمضان فهل هذا كاف وهل هي الخطة الأقوى لمواجهة الحركة الاحتجاجية المحتملة ؟! اذا أقدم الرئيس على هذه الخطوة بمحتوى فنّي دون غطاء سياسي قوي قد تأتي بأثر معاكس يزيد انكشاف الحكومة ووقوفها عارية بلا ادوات أمام اي حركة احتجاجية قادمة وبالعكس اذا ارتبطت هذه الخطوة بمشروع سياسي قوي ومقنع فهي ستأخذ الناس فعلا إلى ساحة جديدة وتضع الكرة (اي قضية التغيير) في ملعب الجمهور وخصوصا جمهور الشباب والحراكات والقيادات في الميدان وعلى وسائل التواصل. المشروع سيفقد الاعتصامات والاحتجاجات جدواها ومعناها ما دام المطروح على الناس ان يتقدموا لأخذ مسؤولية القرار وفقا لخريطة طريق محددة تفضي إلى حكومات برلمانية منتخبة ومعبرة عن ارادة الأغلبية. وللحديث صلة.
الغد