ماذا اعددنا للمئوية المقبلة
01-01-1970 02:00 AM
لا شك في أن الغالبية العظمى من الشعب الاردني والعربي ، يعلم عن وعد بلفور ومعاهدة سايكس بيكو ، والضروف والاحداث السابقة والمرافقة واللاحقة لها .
ولست هنا في معرض اجراء سرد تاريخي ، بل تذكير ببعض المحطات ، في بدايات تكوين الدولة الاردنية .
فقد تشكلت حكومات متعاقبة في منذ بدء تأسيس الامارة ، والتي قادها رؤساء حكومات من اصول ليست اردنية ، وهذا خط رسالة للجميع ، مفادها الانفتاح على الوطن العربي ، وتأسيس دولة تؤمن بالقومية ، ولا تسعى لترسيخ القطرية ، وانها ستبقى مُلهِماً لانبعاثها ، لتشكيك مشروع عروبي نهضوي قادر على المقاومة والصمود والبناء والمشاركة بفاعلية في صناعة الارث الانساني الحضاري ، وهذا ما يعبر عنه الاهتمام الكبير في التعليم ، وتصدير الكفاءات في مختلف التخصصات الى الكثير من الدول ، والنجاحات العلمية التي يحققها ابناء الاردن على الصعيد العالمي ، والتطور الكبير في مجال السياحة العلاجية ، حتى اصبح الاردن وجهة عربية لطلب العلاج ، والزيادة الملحوظة في حجم المحتوى المنشور على الشبكة العنكبوتية ، واحتلال مكانة مرموقة في انتاج برامج مرتبطة بتكنولوجيا المعلومات ، والتوقيع على الاتفاقيات الدولية المرتبطة بالبيئة ، والعمل الجاد في مقاومة التطرف والارهاب ، وانتشار المخدرات ، وغسيل الاموال والتعاون مع دول العالم في محاربة الحريمة المنظمة ، والمشاركة في حفظ الأمن والسلم الدولي ، من خلال المشاركة في قوات حفظ السلام
وبالرغم كل الاصوات التي شككت في مواقف الاردن القومية ونبضه العروبي ، والذي تمثل بتحقيق الاستقلال عام 1946 ، وتعريب الجيش عام 1956ليصبح اسمه الجيش العربي ، ومشاركته في كل الحروب التي تم خوضها مع الكيان الصهيوني ، وينفرد بمجابهة العدو في معركة تاريخية والانتصار عليه في معركة صنع الكرامة ، والذي شكل اول اوهم انتصار على العدو المتغطرس ، وتحمله التبعات العسكرية والسياسية والاقتصادية لتلك الحروب ، واستقباله اعداد كبيرة من أللاجئين الفلسطينيين ، ومنح الكثير منهم الجنسية الاردنية ، واعطائهم حقوق المواطنة كاملة ، والذي كان له الأثر في تخفيف معاناتهم ، وعلى الجانب الآخر ، كان لهم مشاركة فاعلة في بناء الدولة الاردنية ، وهذا تأكيد على وحدة الدم والمصير المشترك .
وليس ذلك فحسب ، بل وقف مع القيادات والشعوب العربية ، وفتح ابوابه لمن لاذ به من لبنان والعراق واليمن وليبيا وسوريا ، واسقبل ملايين المهجرين قسراً عن اوطانهم ، فكان الاردن وشعبه وقيادته الانصار الذين قاسموا ضيوفهم رغيف الخبز وسقف الوطن وأرضه ، ولا ننسى وقوفه الى جانب الرئيس العراقي في حرب الخليج .
في كل يوم يثبت الاردن أنه قلب العروبة ، الذي ما زال ينبض بروحه القومية المستمدة من رسالته الاسلامية والعربية المتجذرة ، وها هو يقف في وجه مشروع تصفية القضية الفلسطينية ، رغم اوجاع شعبه الذي عانى وما زال من ظلم الغريب والقريب ، والذي وصل حد التأمر عليه لتركيعه واضعاف قراراته الوطنية والقومية .
مئوية مقبلة على الاردن وشعبه الصابر بعد أقل من عامين ، يسعى من خلالها الجميع للنهوض بالروح التي لا تعرف الا الكفاح والمصابرة ، والتي ستجعل من المستحيل واقعاً .
"وليس الصبح ببعيد " حينما نثبت لأنفسنا وللاصدقاء وللأعداء ولكل من راهن علي مواقفنا ... بأننا سنبقى في الصفوف الاولى ، والتي ستنهض بهذه الأمة ، لتستعيد مكانتها التي تليق بها ، لما تحمله من ماضي تليد ، ومساهماته التاريخية والتي لاينكرها الا جاهل او حاقد او فاقد لبوصلته ، واعادة دورها في المشاركة بصناعة الحضارة والثقافة الانسانية ، كما فعلت في السابق بأذن الله .
آن لنا ان نثبت لكل من اتهم هذه الأمة ، بالجهل والتخلف وصناعة الارهاب ، بأننا خير أمة اخرجت للناس ، وهذا لن يكون ، ألا بالعمل الجاد والمخلص ، ونفض غبار الرجعية ونبذ الانقسام والتبعية ، والدخول في دائرة النهضة الفكرية والمعرفية ، وتحفيز الشباب لولوج دائرة الانتاج من خلال الثورة الصناعية التكنولوجية الرابعة .