ماذا بقي من دور الحكومة ومهماتها؟!
جهاد المحيسن
16-09-2009 05:43 PM
** الملك دعا الحكومة إلى وضع خطة فورية شاملة للحد من ارتفاع الأسعار ومعالجة أي اختلالات أو ممارسات تسهم في الارتفاع
سؤال ملح ينبلج من رحم فشل الحكومة في مواجهة التحديات التي تعترض سبيلها، ما يوجب عليها أن تقوم بمراجعة جدية وعميقة على الأقل في البرامج والخطط التي تحكم مسارها وسياساتها، ولا أقول تقديم استقالتها، لأن الاستقالة سلوك يحتاج لسنوات من العمل الديمقراطي، وان تكون الحكومات هي ذاتها أتت ديمقراطيا.
كتب كثيرٌ من الزملاء مقالات وتحقيقات تؤكد تغوّل المستوردين وأصحاب الشركات على المواطنين، ولم تقم الحكومة بأي ردة فعل تذكر على هذا الصعيد سوى الحديث أنها فعلت كذا وفعلت كذا وحقيقة الأمر على ارض الواقع هي عكس ذلك.
الشاهد أن حكومتنا الرشيدة أعلنت منذ يومين عن خطة تتضمن سلسلة من الإجراءات للحد من ارتفاع الأسعار في البلاد، ومن هذه الإجراءات تأسيس شركة لاستيراد المواد الغذائية وإعطاء صلاحيات أوسع للرقابة على الأسواق المحلية والنظر في تسعير جزئي لبعض المواد الأساسية لفترات محدودة.
تنص الخطة على إنشاء جهاز لحماية المستهلك تابع لرئاسة الوزراء خلال الأسابيع المقبلة والحد من هيمنة أشخاص وشركات خاصة على السوق بخاصة السلع الأساسية التي يحتاجها المواطن. كما تتضمن نشر قوائم بأسعار المواد الأساسية كاللحوم والخضار تكون بمثابة دليل للمواطن.
الخطة لم تقم بمبادرة ذاتية من الحكومة، إنما بعد حديث الملك الأسبوع الماضي عندما دعا الحكومة إلى وضع خطة فورية شاملة للحد من ارتفاع الأسعار، التي أكلت الأخضر واليابس، وضمان وصول السلع الأساسية إلى المواطنين بأقل كلفة ممكنة إضافة إلى معالجة أي اختلالات أو ممارسات تسهم في ارتفاع الأسعار.
هذا يعيدنا إلى السؤال الذي طرحناه في المقدمة، عن الدور الذي يجب أن تضطلع به الحكومة في حماية مواطنيها. فعندما تفشل الحكومة في وضع حلول للمشاكل التي تعترضها وجب عليها أن تعيد حساباتها من جديد، وتعيد تقييم مسيرتها، فليس من الحكمة ولا من فلسفة إدارة الحكم أن يتحمل الملك الأعباء عن الحكومات، التي تقع في صميم واجباتها.
لم نسمع تصريحا ناريا، كالذي صدر من وزير الصناعة والتجارة في الفترة التي سبقت حديث الملك، علما أن الرقابة التي كنا نطالب بها كان يمكن لها أن تحد من تغول القطاع الخاص، فبحسب وزير الصناعة فإن هذه الخطة ستضبط الأسعار، وتزيل جميع التشوهات التي تعاني منها السوق المحلية، بما يضمن توفير جميع السلع بخاصة الغذائية منها، بأسعار مناسبة!
فعندما تنتظر تدخل الملك لوضع خطط وبرامج لإنقاذ سياساتها المتعثرة فهذا يضع علامة استفهام كبيرة حول دور الحكومة وقدرتها على القيام بواجباتها، أول من أمس كتب الزميل سميح المعايطة مقالاً عن التنمية السياسية التي تعلمها المواطن، من دون الحاجة للحكومة، من خلال حديثه عن توالي مسلسل قطع المياه في الشمال والجنوب، وكيف أن الحكومة ساهمت، عملياً، في تعليم الناس على إيجاد طرق جديدة للاحتجاج!