البرلمان الجامعي بين جهل اليوم ومسؤولية الغد
إيليا أيمن الربضي
18-04-2019 08:31 PM
إن الشعوب تعتمد في نهضتها على فئة مثقفة كحجر الأساس تقوم ببناء الهرم الفكري والسياسي والإقتصادي للمجتمع , ويُعوّل على هذه الفئة في بناء مجتمع ناجح مُتحضر يرتقي بالأنسان إلى أفضل مُستوى ممكن .
ويُطلق على هذه الفئة عادةً (إصطلاحًا) إسم "النخبة" , لأنه يتم إنتخاب أفرادها بشكل رسمي مباشر أو غير مباشر , كي يكونوا ممثلي الشعب والساعين وراء حاجته , وذلك إعتمادً على شخصياتهم وعلمهم وثقافتهم ورؤاهم البناءة وأفكارهم الريادية لتطوير المجتمع الذي يعيشون فيه ؛ -وهذا حَصَلَ فعلًا في أوروبا إبّان عَصرَ نهضتها- .
إذن ؛ وبناءً على ما سبق ... فإن النُخبة هي حبلُ النهضة أو النجاة الذي يعتصم به الشعب كي يسير على نهج علمي متين نحو نهضة حقّه وطريق خيّره يسعى بها الأفرادُ للإعتصام معًا ولا يتفرقوا فيه شِيّغاً .
وعليه ؛ وفي هذا المقام .. فإن السؤال المُثار هُنا , هل فعلًا حقق مجلس إتحاد الطلبة في الجامعات الأردنية الحدّ الأدنى من هذه النخبوية في "التكليف لا التشريف" في سبيل خدمة المجتمع الجامعي كمجسم واحد والنهضة فيه –بالتعاون مع الجهات الرسمية...؟ أم ان كل ما يحصُل هو مجرد عملية روتينية من كل عام يتخذ منها الطلبة سبيلًا لتغيير الروتين الدراسي اليومي ..؟
إن إتحاد الطلبة من حيث التعريف / عبارة عن هيئة يتم إنشاؤها في العديد من الجامعات والكليات. في مراحل التعليم الدراسي ، وغالباً ما يكون اتحاد الطلبة ضمن الحرم الجامعي ويكرّس لتنظيم الأنشطة الاجتماعية وتمثيل الطلاب (الناخبين) وتقديم الدعم الأكاديمي كما ويشير في مواطن اخرى إلى مركز الأنشطة الطلابية.
إذ تعد مبادرة البرلمان الطلابي إحدى الوسائط والنشاطات اللامنهجية الرامية إلى تفعيل وتعميق ثقافة حقوق الإنسان السياسية في الجامعات ، لما يلعب من دور رئيس وفاعل في تعزيز الحياة والممارسة الديمقراطية بين أوساط الطلبة ، حيث إن البرلمان الجامعي هو جسم طلابي يحاكي البرلمان الحقيقي من حيث إجراء الانتخابات لاختيار أعضائه عبر انتخابات حرة مباشرة إضافة إلى معرفة طموحات وتطلعات الطلبة وتهيئتها لهم من خلال البرامج الأنتخابية –إن وجدت أساسًا- والتي يرسمها المُرشح كجدول انتخابي يحقق فيه مطالب الفئة التي يمثلها ككل لا الفئة التي تنتخبه فقط .
بالتالي ؛ هنا لا بد لنا من الاشارة لنقطة في غاية الأهمية الا وهي (الجهل الأنتخابي) والتي احد محاورها هو اخذ عملية الاقتراع على اساس الأقليمية (التوزيع الجغرافي للطلبة) او العشائرية (اهل العشيرة او البلد) او الزمالة والصداقة الجامعية ؛ وذلك دون النظر لادنى اعتبار لمدى استحقاق ذلك المُرشح لذلك التكليف المقدس او حتى عدم استحقاقه لشرف تمثيل تلك الفئة ليس لأسباب سياسية او اقليمية أو شخصية , كلا كلا , وانما لأنه سيكون في الغد ممثلًا في البرلمان الحقيقي لدولته !!! ,,, هل تسائل احدكم .. مثلًا لماذا يمر البرلمان الأردني –كونه جزء من جوانب هذه الدراسة- بظواهر لا يمكن وصفها إلا "بالضائقة التعسفية" ؟ , هل فكر احد المرشحين لاتحاد الطلبة انه بيوم من الأيام سيقوم بنقل تجربته في البرلمان الجامعي (ناجحة كانت او فاشلة) الى تجربة حية وواقعية في البرلمان الاصلي لوطنه !!
لذلك وغيره ؛ وكنتيجة لضعف حملة الطلاب الانتخابية (فكريًا و لوجستيًا) متمثلة ببرامجهم الانتخابية الضعيفة او التفكير والتطلعات قصيرة المدى تجاه هذه المسؤولية المقدسة الصعبة فإنه يصعب علينا حقيقةً القول بأن العملية الإنتخابية لمجلس إتحاد الطلبة قد حققت الرؤى العميقة والجوهرية المرجوة منها .
فأنت بهذا المكان أخي الطالب (المُرشح) لتقديم الخدمات والمساعدة للطلبة ككل بعيدًا عن التكتلات العنصرية المُخزية , لا للتفاخر بنفسك بأنك "ممثل" , بل للتفاخر بأنك قمت بنهضه حقيقية لكليتك وجامعتك وفق أفكارك البناءة ورؤاك الريادية وتطلعاتك العميقة ؛ فأنتم بالغد ستقفون امام مسؤولية صعبة وموقف لا تحسدون عليه والله , فسيسألكم رب العباد في يوم القيامة عن كل شخص رفضتم او كرهتم او تكاسلتم أو حتى لم تستطيعوا تقديم يد الخدمة وروح المعونة له والتي كنتم قد وعدتموهم فيها قبيل إنتخابكم ....!!!
خذوها من أخيكم إيليا فهي ستنفعكم يومًا ما صدقوني ...
"المناصب تكليف لا تشريف""
د.إيليا الربضي .
كلية القانون – جامعة اليرموك .