انتحار حازم البريكان إفراط في العقوبة ؟!
زياد الدباس
16-09-2009 06:29 AM
في الأسواق المالية تزدهر الإشاعات أوقات رواجها وأوقات تراجعها وكسادها وعادة ما يكون الهدف من نشر الإشاعات التأثير في قناعات المستثمرين في هذه الأسواق دون الالتفات إلى معطيات ذات تأثير اكبر، وصغار المستثمرين من ذوي الخبرة المحدودة والوعي الاستثماري الضعيف هم الأكثر تأثرا بالإشاعات من خلال تأثيرها الواضح في قراراتهم الاستثمارية سواء بالبيع أو الشراء ، وبالتالي تساهم الإشاعات في خلق طلب مصطنع أو عروض بيع مصطنعة مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار أسهم بعض الشركات أو انخفاض أسعارها دون وجود مبررات منطقية أو موضوعية لهذا الارتفاع أو الانخفاض وبالتالي العبث بقانون العرض والطلب بدلا من الاحتكام إليه من اجل قلب موازين السوق وعادة ما تحقق الإشاعات مصالح مروجيها سواء بتحقيق مكاسب أو تجنب خسائر نتيجة خلق فجوة بين أسعار أسهم بعض الشركات في السوق وسعرها العادل ، وتنتشر الإشاعات عادة في البيئة الغامضة بعكس انتشارها في البيئة الشفافة والتي تتميز بارتفاع مستوى الإفصاح والشفافية وارتفاع مستوى ثقافة المستثمرين وعدم احتكار المعلومات ، والتطور التكنولوجي سواء في وسائل الإعلام أو الاتصالات ساهم مساهمة فعالة في سرعة انتشار الإشاعات المختلفة،والإشاعات السلبية في المنطقة انتشرت بقوة منذ بداية الأزمة المالية العالمية ، ولعل قرارات حكومات المنطقة بضمان ودائع المودعين لدى البنوك يأتي ردا على بعض الإشاعات التي تم ترويجها عن قرب تعثر أوإفلاس بعض البنوك في المنطقة والذي أدى إلى تزاحم المودعين لسحب أموالهم خوفا من ضياعها
كما أن الإشاعات التي انتشرت عن قرب إفلاس وتعثر بعض الشركات المساهمة العامة نتيجة الأزمة المالية العالمية أدت إلى بيع عشوائي وغير منطقي على أسهم هذه الشركات دون التأكد من حقيقة هذه المعلومات وحقيقة الإشاعات وبعض مروجي هذه الإشاعات كان هدفهم تجميع أسهم هذه الشركات بأقل سعر ممكن ثم بيعها لاحقا بأسعار مرتفعة وحيث لاحظنا انخفاض أسعار عدد كبير من الشركات دون قيمتها الاسمية أو قيمتها التأسيسية ، وبالتالي لاحظنا أن خسائر مؤشرات بعض الأسواق في المنطقة تجاوزت خسائر مؤشرات الأسواق الأمريكية صاحبة المشكلة، ولعل سيطرة الاستثمار الفردي واتساع قاعدته في معظم أسواق المنطقة وضعف الاستثمار المؤسسي يساهم في التأثير القوي للإشاعات على المستثمرين وبالتالي اتخاذ قرارات استثمارية مبنية على عواطف دون الالتفات إلى الأساسيات أو التأكد من صحة هذه الإشاعات ، ومن وجهة نظر الهيئات الرقابية تعتبر الإشاعات ممارسات غير أخلاقية وغير قانونية الهدف منها تضليل المستثمرين وتعرضهم لخسائر مالية جسيمة
ويعاقب القانون مصدري ومروجي هذه الإشاعات نظرا لتكلفتها العالية بالإضافة إلى تأثيرها السلبي على كفاءة ومصداقية والثقة في الاستثمار في الأسواق المالية
وانتحار حازم البريكان الرئيس التنفيذي لشركة الراية للاستثمار وعمره تسع وثلاثين عاما وهو احد نجوم الصف الثاني في عالم الاستثمار الكويتي احدث صدمة في الأوساط الاستثمارية في الكويت بصورة خاصة وفي المنطقة بصورة عامة لأنه اتخذ قرار اطلاق النار على رأسه قبل التحقق من الاتهامات التي وجهت إليه من قبل السلطات الرقابية في الولايات المتحدة الأمريكية بعد اتهامه بنشر إشاعات ساهمت بارتفاع سعر أسهم شركة هارمان بنسبة كبيرة وهو وما تم اعتباره من قبل السلطات الأمريكية تربح غير مشروع من خلال التورط في أنشطه محظورة وهي التضليل وبث أخبار غير صحيحة، وحسب الدعوى فان شركة البريكان وبعض الشركات في منطقة الشرق الأوسط قامت بجمع أسهم هارمان قبل اطلاق أخبار غير صحيحة عن عزم صندوق استثماري الاستحواذ على أسهم الشركة وتم بيع هذه الأسهم بعد تحقيق أرباح من ارتفاع سعر أسهمها في الأسواق قدرت بحوالي خمسة ملايين دولار
والمؤسف أن حازم البريكان عاقب نفسه بشكل مفرط بالرغم من اصادره بيان أكد فيه سلامة الموقف القانوني لشركته وعدم ارتكاب أية مخالفات بهذا الشأن وتعيين مكتب للمحاماة في أمريكيا يتولى الوقوف على جميع الحقائق المتعلقة بتلك القضية أما فيما يخص وسائل الإعلام فان المرحوم أكد احتفاظه بالحق في الرد عليها من خلال القانون والعبرة في الأمور تكمن في حسن خواتيمها وأخيرا فان حسه المهني المتميز وأخلاقه الشخصية العالية والتزامه بسلوكيات وأخلاق المهنة والتعامل في الأسواق أدت إلى ضغوط نفسية قوية لم يتحملها وبالتالي اتخذ قراره المؤسف ونأمل أن تكون هذه الحادثة عبرة لكل من يتعامل في الأسواق المالية