..'' لعناية الكريم الجليل المعطاء (...) أطال الله عمركم ووسع رزقكم، وبعد..
من للمحتاجين في رمضان المبارك غيركم بعد الله تعالى فأنتم ملاذ الخير والبركة في الأيام الفضيلة، نطرق بابكم طالبين يد العون من أهل العون.. نحن ثلاثة أشقاء، أنا أكبرهم، نعاني من ضغط وسكري وزوجتي مريضة بشقيقة في الرأس وقرحة في المعدة تحتاج لأدوية لا أقدر على تحمل تكاليفها وابني يحتاج لعملية في عينه لكن ظروفي المعيشية صعبة جدا نطلب المساعدة حتى تكمل ابنتي دراستها الجامعية علما أنها بحاجة لإنهاء تسع ساعات دراسية سعر الساعة 12 دينارا ونحتاج ثمن أدوية وعلاجات، ونشكر لكم حسن تعاونكم ودمتم أيادي بيضاء وخير عطاء.. للمساعدة يرجى الاتصال على الرقم (...)''.
اختصرت بعضا من تفاصيل رسالة التسول.. تسول بالجملة، وهي رسالة جاءت عبر البريد الالكتروني لا تنقصها البلاغة الأدبية ولا الحبكة الدرامية، قمت بالاتصال بالرقم المذكور ولا داعي للخوض في التفاصيل اللاحقة التي بينت أنها ليست سوى عملية شحاذة رخيصة وتسول من نوع جديد.. محترفو نصب يضيفون على أنفسهم صفات مسرحية كي تثير الشفقة، بينما راتبهم من (سلبطة) أموال خلق الله يتعدى راتب الموظف الحكومي وأراض مملوكة وعمارات كما تبين في كثير من الحالات.
صار التسول (ديجيتال) وأكثر حرفية وأكثر تحضرا وأكثر افراطا في الكذب ،أكثر حرفية من بهدلة في الشوارع وعلى اشارات المرور إذ تجد نفسك محاصرا من كاذبين غير محتاجين لا يمكن أن يثيروا الشفقة.
التسول أصبح ديليفيري ودوت كوم وعبر الفاكس وعبر الإيميل وموقعا الكترونيا خاصا فيما بعد، التسول أصبح مهنة أنيقة وأكثر بلاغة فبدل من عبارات المذلة والدعوات المعلبة ومد الأيادي، التي تنقلب بالدعوة عليك ان لم ترضخ، بدل التذلل أصبح التسول (كبسة زر) عبر جهاز لاب توب بمواصفات عالية، رسالة الكترونية منمقة رزينة ولعناية الكريم الجليل المعطاء. إنه عصر الدوت كوم.
سأل متسول رجلا مالا فلم يعطه، فصاح المتسول : أين الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة؟.. فاستدار الرجل وأجابه : لقد ذهبوا مع الذين لا يسألون الناس إلحافا .. !.
الراي