كفالة اليتامي ارث انساني وضمان دخول الجنة
سارة طالب السهيل
17-04-2019 02:16 AM
في زماننا الملئ بالقسوة و طغيان المادية والجشع البشري الذي قاد الى حروب انتهكت حرمات الدم والعرض وبراءة الاطفال، ننتظر لحظة تستعيد فيها الانسانية معاني الرحمة والشفقة وتفيض قلوبها بمداد الصفاء والعطاء والحنو على المسكين واليتيم والضعيف.
تأتينا نسمات الانسانية من خلال الاحتفال في أوطاننا العربية بيوم اليتيم الذي يحتفل به اول جمعة من ابريل سنويا، هذه النسمة التي ابتكرتها جمعية دار الاورمان في مصر عام 2003 وتبنتها جامعة الدول العربية عام 2007 وسارت خطاها العديد من البلدان في العالم، تعد فرصة لنرحم اليتامى ونخفف عنهم آلام اليتم ونغمرهم بالحنان عبر تنظيم الحفلات لهم ومنحهم الهدايا وغمرهم بالحنان والعطف وتقديم الدعم النفسي والروحي لهم عبر تنظيم رحلات ترفيهية لهم.
يكتسب الاحتفال بيوم اليتيم اهمية كبرى في عالمنا العربي في زيادة اعدادهم في السنوات العشر الاخيرة بفعل الحروب والنزوح والصراعات المنتشرة في أرجاء بلادنا العربية التي تزيد فيها اعداد التيامى خاصة في العراق التي تحتل مركز الصدارة في اعداد التيامى بما يزيد عن ستة مليون يتيم حسبما تشير احصاءات اليونسكو وتليها سوريا واليمن.
ارث حضاري
يعد احتفاء شعوب عالمنا المعاصر باليتيم ووجوب رعايته وحمايته الي ارث حضاري قديم بجانب الاديان السماوية الثلاث، فالحضارة الفرعونية القديمة اهتمت باليتيم وكفالته، وهو ما كشفته النقوش المحفورة على اللوحات الجنائزية الفرعونية.
وكما تذكر المصادر التاريخية، أن الملك أمنمحات كان يفتخر في العبارات المنقوشة بأنه لم يقهر أرملة، بل كان يعطيها مثلما كان يعطي للمرأة المتزوجة وكان يحنو على اليتيم، وتبرز النقوش على المعابد ايضا ان المصري القديم كان يؤكد ان حماية اليتيم هي حماية السماء، وكانت الأسر تكفُله وتخصص له مرضعة وتوصي بأن يحصل اليتيم الذي تكفُله على نصيب من الميراث.
كما كان القدماء أيضاً يحرصون على تعليم الأيتام في المدارس الملحقة بالمعابد وتكريم المتفوقين لتكون دفعة للاستمرار الناجح.
عناية الاديان
اهتمت الأديان بحقوق اليتيم وإكرامه والإحسان إليه، والحفاظ على ماله؛ وذكر اليتيم 17 مرة في القرآن الكريم، و14 مرة في الكتاب المقدس.
فنصوص التوراة دعت لحماية اليتيم وعدم الاساءة اليه تجنبا لغضب الاله، وهو ما تجلي في هذه النصوص: (22 لاَ تُسِئْ إِلَى أَرْمَلَةٍ مَا وَلاَ يَتِيمٍ. 23 إِنْ أَسَأْتَ إِلَيْهِ فَإِنِّي إِنْ صَرَخَ إِلَيَّ أَسْمَعُ صُرَاخَهُ).
24 (فَيَحْمَى غَضَبِي وَأَقْتُلُكُمْ بِالسَّيْفِ فَتَصِيرُ نِسَاؤُكُمْ أَرَامِلَ وَأَوْلاَدُكُمْ يَتَامَى.) (سفر الخروج، الإصحاح 22)
وفي الكتاب المقدس ايضا نجد نصوص (مزامير 10:14)"ولكنك اللهم ترى، أنت تلاحظ الشقاء والغم، أنت تجازي بيدك، إليك يسلم المسكين أمره، أنت ناصر اليتيم".
"بل دافعوا عن حق الضعيف واليتيم، انصفوا المسكين والمظلوم". (مزامير 3:82)
"أني أنقذت المسكين الذي استغاث، واليتيم الذي لا معين له". (أيوب 29:12)
الأحكام التي طلب الله من موسى النبي، أن يضعها أمام الشعب بعد نزوله من جبل سيناء "لا تسئ إلى أرملة ما ولا يتيم"، وعاد موسى النبي وذكّر الشعب، قائلًا "لا تعوّج حكم الغريب واليتيم إذا حصدت حصيدك في حقلك ونسيت حزمة في الحقل فلا ترجع لتأخذها للغريب واليتيم والأرملة تكون، لكي يباركك الرب إلهك في كل عمل يديك"، وبذلك أكد موسى النبي أن الناموس يحامي عن حقوق اليتيم.
قول داود النبي وهو يتغنى بإله الرحمة "غنوا لله رنموا لاسمه.. أبو اليتامى وقاضي الأرامل في مسكن قدسه".
رعاية القرآن لليتيم
أما نصوص االقرآن الكريم، فقد احتفت باليتيم وحذرت من قهره ودعت للاحسان اليه واكرامه ومنها نصوص:
1- {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} الأنعام 152
{وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا} الإسراء34
{كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ } الفجر17 ، {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ }الضحى ، {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ }الماعون2
{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ }البقرة215
{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } النساء10
أما السيرة النبوية فقد ركزت وحفزت على كفالة اليتيم وجعلت من هذه الكفالة ضمانا لدخول الجنة كما قال الرسول عليه الصلاة السلام (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى).
اتمنى ان نكون جميعا ممن يرزقون الجنة بكفالة اليتيم ن ونرعى اليتامي ونعطف عليهم طوال العام وليس يوما واحدا في السنة.