صفقة القرن والمطلوب شعبياً
خالد عياصرة
17-04-2019 01:13 AM
في يوم 29 أغسطس 1897، أعلن في مؤتمر بازل / سويسرا، عن قيام المنظمة الصهيونية العالمية بإطلاق مشروعها القاضي بإيجاد وطن قومي لليهود في فلسطين”.
20 عاماً، عملت المنظمة بهدوء حتى تكلل مشروعها بالنجاح مع إعلان وعد بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917، بعد ذلك صبرت المنظمات اليهودية 31، عاماً لم تدع باباً إلا طرقته لعرض المسألة اليهودية وشرعنتها، كانت النتيجة احتلال فلسطين والإعلان عن قيام إسرائيل في 14 أيار / مايو 1948.
خطوة خطوة
خلال هذه الفترة الممتدة من مؤتمر بازل الى إعلان قيام إسرائيل عملت المنظمة الصهيونية على تأسيس كيانات إرهابية تحولت لاحقاً الى جيش، قامت بشراء الأراضي والعقارات، وإنشاء المزارع، والمصانع، ومؤسسات الدولة وفق ماهو مخطط، البعض كان يعتقد أن مشروعات وأحلام الصهيونية العالمية مجرد وهم، ينتهي على صخرة الرفض الإسلامي والعربي !
صبرت إسرائيل، تحقيق مشروعها، خلقت موطئ قدم ثابت لها في المنطقة، وفق سياسة " خطوة خطوة " التي قال ابتدعها لاحقاً هنري كيسنجر عراب السياسة الأمريكية المعاصرة، كمشروع طويل المدى لن يخرج عن مساره المرسوم مسبقاً.
الصفقة والشعب
مقابل الاعتصامات والمظاهرات التي تسند موقفه، سيما وأن الصفقة التي ينتظرها العالم باتت امراً واقعاً على الأرض، وما ينتظره العالم ليس إلا اعلاناً لها، تتبع بضم غور الأردن والكتل الاستيطانية في الضفة الغربية. بعدما تم نقل السفارة الأمريكية للقدس، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، واعلان ضم الجولان المحتل، وإيقاف مكتب منظمة التحرير في واشنطن، مع إيقاف الدعم عن منظمة الأونروا .
مع هذا، لست هنا بصدد تعريف صفقة القرن، أو مضارها، أو حتى ايجابيتها - وفق منظور البعض - كما لستُ مهتماً بشروطها، حقيقتها من وخيالها.
لربما لان الاهتمام، يتعلق بكيفية تعامل الشعب الأردني والفلسطيني معها، آثارها ونتائجها، في حال تم إجبار النظام عليها ؟
مقابل ذلك، ماذا لو رفضت الدولة الصفقة ؟ كيف لي كمواطن أن يتعامل مع من يقبل ويروج لها كمشروع يهدف لإيجاد صيغة وحدوية بنكهة امريكية وطعم إسرائيلي، تسقط حدود سايكس بيكو ومنتجاتها مقابل خلق وحش مرعب يستعبد ما تبقى من المنطقة ؟ هكذا حالياً يتم التراويح !!
ألا يكون هؤلاء عملاء ضد الدولة الأردنية، ضد الملك، ضد الهوية الأردنية وجغرافيتها ؟
لنعترف أن الدولة مقصرة، لم تُظهر الحقيقة، لم تُعطي الشعب طريقة لمقاومة الصفقة سيما وأنها لن تقوى على مواجهتها وحيدة، نعم، الدولة مقصرة شعبياً، وكأنها تقف في منطقة رمادية مترددة بين الرفض والقبول، بين المقاومة، والرضوخ، بين الرضا والرفض بما هو معروض عليها.
كرة اللاجئين
إضافة لذلك، تُكثر الدولة الأردنية تكرار عبارات من نوعية " إن قبل الفلسطيني بالصفقة، فإننا سنقبل " لكن ماذا لو قبل الفلسطيني في الضفة الخاضع لسيطرة سلطة أوسلو، في حين رفضها الفلسطيني المقيم في الأردن، التابع لقيادة الدولة.
هل نحن أمام صراع ساخن قد يشتعل جراء الرفض أو القبول بإسقاط حق العودة والتاريخ والمقدسات، مقابل الاستقرار والقبول بالصفقة، ليصر واقعاً يحمل في تربته بذورٍ لنشوء صراع داخلي أردني بين مكونات الشعب، الفلسطيني الموجود في الأردن يخضع للقانون الأردني لا لرغبات سلطة أوسلو.
فهل مطلوب من فلسطينيي الأردن الإعلان عن موقفهم، أم البقاء ككرة يتم التلاعب بها دون أن يكون لهم دوراً، باعتبار القادة الأقدر على رسم المستقبل ومصيرهم !!
بين هذه الأفكار المشروعة وبين تحصين الداخل الأردني لدعم موقف الملك عبد الله الرافض للصفقة، يأتي دور الشعب الذي يتم توجيهه بمنتهى السذاجة من قبل مؤسسات وقيادات تجهل الحقيقة أو تخفيها، ترى أن الصفقة يمكن مواجهتها بمسيرة هنا، أو بيان هناك، مع أن المشهد يتطلب مظاهرات واعتصامات تفكير حقيقي يشترك فيه الجميع خصوصاً المكون الفلسطيني الذي يعد أساس الصفقة التي يدور من أجله و حوله التفاوض.
حتى أكون أكثر صراحة، أنا كأردني أجهل عملياً الوسيلة الحقيقة للتعامل مع مشروع بهذه الضخامة الجغرافية والديموغرافية والسياسية، إن تم الإعلان عنها، هل أنا أمام مشهد صدام أو سلام، قبول أم رفض، فوضى أم استقرار، انفتاح أم حصار .
ما هو مطلوب مني كمواطن، ما هي الصفقة وآثارها، هل الدولة الاردنية تقبل او ترفض الصفقة، هل يوجد تيار أردني داخلي يشجع ويطالب بها، هل ثمة مشروع مضاد لها، هل يوجد أوراق ضغط أردنية تفشل الصفقة، عملياً الشعب لا يعلم، فهل تعلم اجهزة الدولة المخابراتية والسياسية ؟
وعد بلفور الثاني
القاسم المشترك بين مؤتمر بازل وعد بلفور، وبين صفقة القرن المنتظره، أن خط المسير اعتمد سياسة " خطوة خطوة “ يتم الصبر على المشروع حتى وإن رفض عربياً واسلامياً.
فما هو مطلوب من الدولة الأردنية، قيادة، وحكومة، اجهزة ومؤسسات وشعب، لمواجهة القادم ؟
من يعلم، ومن يجرؤ على قول الحقيقة ومصارحة الشعب ؟
kayasrh@gmail.com