العلاقة المكلفة بين عمان وواشنطن
ماهر ابو طير
17-04-2019 12:42 AM
يعد الأردن احد ابرز حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، لكن التحالف مع الأميركيين، على مزاياه السياسية والاقتصادية، بات مكلفا للغاية.
يبدو السؤال الأهم في عمان، متعلقا بقدرة الأردن على الانفكاك كليا او جزئيا، من دائرة التحالف مع واشنطن، على أهمية هذا التحالف من ناحية سياسية، وهذا السؤال لا يبدو رسميا، بقدر كونه شعبيا، وعلى مستوى النخب أيضا، خصوصا حين تثبت المعلومات ان العلاقة مع واشنطن هذه الأيام، باتت مكلفة، والأدلة على ذلك كثيرة؟
من ناحية سياسية، تساهم واشنطن بحماية الدول المحسوبة عليها، في ظل الصراعات الدائرة، بين محاور ودول إقليمية وكبرى، كما ان العلاقة من ناحية اقتصادية، تدعم الأردن بما يزيد عن مليار ونصف المليار دولار، وهي أيضا، تقدم مزايا إضافية، على صعيد التعاون الثنائي، في مجالات شتى.
لكن هذه العلاقة باتت بحاجة الى إعادة تقييم، نتيجة الأزمات والاشكالات الكبرى للأردن التي تسببها واشنطن، على ضوء ما تستعد له بشأن التسوية السياسية، او صفقة القرن، وتأثير ذلك على الأردن، من جهة، وتجاوز واشنطن لحسابات أردنية كثيرة، إضافة الى محاولة التأثير على علاقات الأردن العربية، عبر الحسابات الأميركية بشأن الانفتاح الاقتصادي بين الأردن وسورية، او حتى بين الأردن وبقية الدول العربية، وما تؤثر به واشنطن، على صعيد ملف المساعدات العربية وغير ذلك من قضايا، بما يمكن وصفه، بمحاولة لترك الأردن تحت رحمة المساعدات الأميركية وحسب، واغلاق كل البوابات الأخرى، التي لو تم تقييم منافعها الاقتصادية الطبيعية، لتفوقت على قيمة المساعدات الأميركية، وعلى ما تعتبره واشنطن، دعما ماليا للأردن.
هذا يعني بشكل مباشر أن واشنطن في فترة الرئيس الأميركي الحالي، أعادت انتاج علاقتها مع الأردن، بشكل ناعم، عبر تقييده، ومحاولة خنقه، وهي في الوقت ذاته، لا تريد للأردن كدولة ان ينهار أو يسقط تحت وطأة ظروف مختلفة، لكنها تريد تجفيف كل فضاءاته الطبيعية، وخصوصا، العربية والإقليمية، وصولا حتى إلى العلاقات مع الروس والصينيين، وهذه مدارات لا يتم البوح بتفاصيلها واسرارها، وتبقى بعيدة عن الاعين والنقاش، لاعتبارات كثيرة.
معنى الكلام، أن كلفة التحالف مع واشنطن، باتت كبيرة جدا، وتترك اثرا سلبيا على الأردن، على عكس فترات سابقة، كان التحالف مع الأميركيين، يترك مساحات أوسع للأردن، على صعيد علاقاته واختياراته، لكن بسبب ظروف الإقليم من جهة، واشتداد العناد الأميركي، وتصنيفات الدول والمشاريع، باتت واشنطن، تتخذ مسربا مختلفا، يقوم على مبدأ واحد، أي فرض كل حسابات واشنطن، على الدول التي تتحالف معها، حتى لو أدى ذلك الى خسائر اقتصادية، وسياسية، وبني على أساس معاندة بوصلة المنطقة والاقليم، او حتى الحسابات الاكتوارية للتقلبات في الخريطة.
ليس امام الأردن خيارات كثيرة، وهذا ما يتوجب قوله، اذ ان واشنطن تريد دفع المساعدات للأردن، لكنها تحاول خنقه، على صعيد ملفات أخرى، يمكن أن تقوي الأردن على جبهات مختلفة، والمؤكد أن تحفظ واشنطن بشأن الاقتراب من الاتراك او السوريين، او غيرهم، او حتى التأثير على تدفق المال نحو الأردن، والدفع باتجاه تركه فقط للقروض، أمر يؤشر على أن واشنطن هذه الأيام، باتت أمام معادلة جديدة، بشأن الأردن، الذي تريده ضمن سقوف محددة، من أجل غايات محددة، وتعتبر أن مساعدات واشنطن، كافية، على الرغم من أن خسائر الأردن، جراء الاغلاقات السياسية والاقتصادية بين الأردن ودول أخرى، تفوق هذه المساعدات بكثير، وبما يمكن اعتبار هذه المساعدات مجرد تغطية وهمية لخسائر الأردن الحقيقية.
هذا يأخذنا الى استخلاصات مهمة، تقول ان العلاقة الأردنية الأميركية هذه الأيام، على الرغم من ظاهرها الطبيعي، الا انها علاقات باتت مرهقة، ولا يجد الأردن مسربا امامه، الا انتظار أي انفراجات في السياسات الدولية والإقليمية، من اجل الخروج من المساحة التي تفرضها واشنطن، فوق المراهنة على حدوث خروقات على صعيد العلاقة مع واشنطن، تخفف من كلفة العلاقة، وتجعلها اكثر جدوى.
الغد