في موضوع الاستثمار, يقال ان أصدق الأنباء هي رؤية روافع البناء وهي تعمل, ما عدا ذلك تبقى الخطط والخرائط حبرا على ورق, وقد رأينا مثل هذا الصخب في فورة العقار قبل الأزمة المالية العالمية, عندما ملأ مستثمرون مدعون الفضاء بأبراج ومدن أصبح الحديث عنها مجرد ذكرى تدعو للسخرية.
مشاريع محدودة قيد التنفيذ حالياً في عمان والمدن الأخرى, وإن رأيت مستثمرا يجالد ليبني برغم الظروف القاسية واتساع حالة عدم اليقين, فيجب أن تصفق له لا أن ترجمه بحجر أو بطوبة بيروقراطية.
هذا يفتح باب الحديث مجدداً عن قانون تشجيع الاستثمار الذي يمنح إعفاءات سخية لمستثمرين عرب وأجانب, ويقترها على المستثمرين الأردنيين مع أن المفترض أن يتعامل القانون مع الجميع بمسطرة واحدة.
يبدو أن المسؤولين لا زالوا يفضلون المستثمرين الأجانب مع أن معظمهم يمولون مشاريعهم من البنوك المحلية أو يشترون مشاريع قائمة, بينما أن المستثمرين الأردنيين صنعوا رساميلهم من السوق المحلية وحتى لو أنهم لجأوا الى البنوك في فترات التنفيذ ففي نهاية المطاف هذه الأموال لا تخرج من البلد.
عرقلة الإستثمار أو تطفيشه له وجهان, الأول الشائعات وهي بلا شك مؤذية وسمعنا عن مستثمرين كثر ترددوا وغيروا وجهاتهم الإستثمارية بسبب شائعة هنا أو هناك, طالت نظراء لهم من الأردنيين أو العرب وحتى الأجانب ولسان حالهم يقول, «لماذا قد أعرض نفسي لمثل هذا التشويه».
لكن ما هو أكثر إعاقة وتطفيشاً هي الإجراءات غير المرئية التي تزدحم بها القوانين والتعليمات, ومثل ذلك المزايا الضريبية التي يمنحها قانون الاستثمار للمستثمرين فبالإضافة إلى نقص منسوب العدالة والتمييز بين مشروع وآخر من نفس القطاع, هناك تعقيدات واضحة في تصنيف المواد والمعدات والتجهيزات اللازمة لانشطتها من الرسوم الجمركية والضرائب الاخرى.
بدلا من معاقبة المشاريع تحت التنفيذ بورقة الإعفاءات, يجب ملاحقة المشاريع المتعطلة بفعل المستثمرين أنفسهم, ومثال ذلك الأبراج الجاثمة فوق تلة الدوار السادس برغم المزايا وعروض الحلول بالجملة, بالمقابل وعلى مسافة قريبة تتسارع وتيرة الإنجاز في مشاريع خدمية وسياحية وفندقية واقعية توفر وستوفر فرص عمل كثيفة, لا نريد أن تحولها البيروقراطية والإجراءات المركبة الى أبراج وأبنية أخرى مهجورة.
كي تريح الحكومة رأسها من عقدة الشكوك المسبقة, لماذا لا تربط الإعفاءات الضريبية والمزايا والحوافز بفرص العمل التي يوفرها أي مشروع وفق تعهد يخضع للمساءلة والرقابة ؟
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي