الصمود الاردني ما بين الحقيقة والتشكيك وصفقة القرن 1
اللواء المتقاعد مروان العمد
15-04-2019 07:00 PM
منذ بداية التحركات الصهيونية مدعومة من قبل بريطانيا اولاً بوعد بلفور ثم تبني الولايات المتحدة لها ، كان موقف الاردن ومنذ الامارة الى المملكة معارضاً لانشاء هذا الكيان الصهيوني في فلسطين سواء على الصعيد الرسمي او الشعبيى . وقد شارك ابناء العشائر الاردنية اخوتهم المجاهدين الفلسطينين في الدفاع عن ديارهم .
كما خاض الجيش العربي الاردني حرب عام ١٩٤٨ بامكانياته المحدودة ولكنه استطاع على الاقل حماية اسوار القدس ومقدساتها ومناطق ما سمي فيما بعد بالضفة الغربية من الوقوع تحت سيطرة ما سمي بجيش الدفاع الإسرائيلي وعصابات المستوطنين الصهاينة ، تلك الضفة التي اندمجت بعد ذلك في وحدة كاملة مع المملكه الاردنية الهاشمية لتصبح هذه المملكة تتكون من ضفتين غربية وشرقية .
وفي عام ١٩٦٧ ومع ارتفاع طبول الحرب ما بين مصر وسورية من جهة ودولة الصهاينية من جهة اخرى ابا الاردن الا ان يكون الى جانب اخوته العرب وخاض الحرب التي كانت نتيجتها كارثية على العرب ، ووقعت الضفة الغربية وجوهرتها القدس تحت الاحتلال الصهيوني .
وبالرغم من مخاطبة الرئيس جمال عبد الناصر لجلالة الملك الراحل الحسين ابن طلال بل التوسل اليه بأن يعمل منفرداً على استرداد الضفة الغربية عن طريق المفاوصات في معزل عما تم احتلاله من الاراضي المصرية والسورية الا ان الحسين ابى الا ان يكون اي حل يرتبط بعودة جميع الاراضي العربية المحتلة سواء اكان هذا الحل عسكرياً كما في حرب عام ١٩٧٣ حيث ارسل قواته الى سورية للمشاركة في المعارك على جبهة الجولان وكان لهذه القوات دورا في الدفاع عن دمشق في هذه الحرب . او سياسياً كما في مؤتمر القمة العربية في الرباط عام ١٩٧٤ والتي اقرت ان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطين وموافقة الاردن على ذلك تماشياً مع الاجماع العربي بهذه القمة ، وكما في مؤتمر مدريد للسلام عام ١٩٩١ حيث شارك الاردن في هذا المؤتمر واكثر من ذلك فقد وفر المظلة للجانب الفلسطيني للمشاركة فيه ضمن الوفد الاردني .
وعندما كان الوفد الاردني الفلسطيني المشترك يشارك في مباحثات سلام تعقد في الولايات المتحدة الامريكية كانت الاطراف العربية الاخرى تنزع شوكها بيديها بمعزل عن الاردن . حيث وقع السادات اتفاقية كامب ديفيد ووقع الجانب الفلسطيني اتفاقية اوسلو والتي كانت تجرى وراء حجب، وبنفس الوقت كانت هناك محاولات لأجراء مباحثات ما بين سورية ودولة الكيان الصهيوني وان لم يكتب لها النحاح فيما بعد . ولهذا فقد وجد الاردن انه لا بد من أن يخلع شوكه بيده فعقد اتفافية وادي عربة حافظ بها على حقوقه ولكنه لم يضحي فيها بحق الشعب العربي الفلسطيني بأنشاء دولته المستقلة على ثرى ارضه واحتفظ بحق الولاية الهاشمية على الاماكن المقدسة في القدس لحين انشاء الدولة الفلسطينية المستقلة .
وبقي الاردن بعد ذلك سنداً ونصيرا للقضية الفلسطينية والمدافع الاول عنها رافضاً كل الحلول التي كانت تطرح لحلها من غير انشاء دولتهم المستقلة رافضا الكنفدرالية مع الارض الفلسطينية قبل ان تتحق الدولة الفلسطينية المستقلة عليها وبعدها يكون لكل حادث حديث . حيث كان جلالة الراحل العظيم يكرر ان لا كنفرالية ولا اي شكل من اشكال الوحدة مع الاراضي الفلسطينية بالضفه الغربية قبل تشكيل الدولة الفلسطينة المستقلة عليها . وقد سار جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين على نفس هذه السياسة رافضاً اي حل على حساب الحقوق الفلسطينية المشروعة ومنها توطينهم في الاردن وفي الدول التي يتواجدون بها واعتماد حل الدولة الواحدة بدلاً من حل الدولتين الذي اجمعت عليه معظم دول العالم والقرارات الدولية ، واعلن تمسكه بالولاية الهاشمية على الاماكن المقدسة في القدس . وكان جلالته يعلن هذا الموقف المرة تلو المرة وبأسلوب حازم وواضح
الا ان المواقف الاردنية هذه وطوال الفترة الزمنية السابقة كانت تستقبل من انظمة عربية واحزاب وتنظيمات ووكالات انباء وصحف وصحفيين وكتاب عرب بنكران الجميل لا بل بأدانة كل مواقف الاردن وما يقوم بة وما يصرح به جلالة الملك و الحكومة الاردنية بخصوص القضية الفلسطينية معتمدين على قلب الحقائق وتزيفها والقاء مسؤولية اي فشل فيها على الاردن .
وقد تماهى مع هذه المواقف مجموعة من المواطنين الاردنيين الذين ينتمون الى احزاب وتنظيمات مرتبطة مع تنظيمات و احزاب تدير الامور بهذه الدول ، او ممن جندتهم اجهزة المخابرات والاستخبارات التابعة لهذه الدول . الا ان كل هذه المواقف المعادية للأردن ونظام الحكم فيه والتي من المؤكد ان النجاحات التي كان يحققها الاردن للقضية الفلسطينية مقابل الاخفاقات التي كانوا هم يحققونها كانت وراء هذه المواقف لم تفت بعضد الاردن ولم تزحزحه عن قناعاته وسياساته والذي ظل متمسكاً بها ، واكثر من ذلك فقد حافظ على الخيط الذي يربطه بهذه الدول وحافظ على حسن العلاقات معها الى ان وقعت احداث الربيع العربي كنتيجة لسياسة الفوضى الخلاقة لصاحبته كنداليزا رايس والتي كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية الاميركية في ادارة الديمقراطي جورج دبليو بوش ، ومخطط الشرق الاوسط الجديد ومهندسته خليفتها بهذا المنصب هيلاري كلينتون في ادارة الديمقراطي باراك اوباما الى ان وصلنا الى ادارة الجمهوري دونالد ترامب الهوجاء وخططه للسلام في المنطقة والتي اطلق عليها صفقة القرن .
وفي هذه الفترة حدثت الكثير من التطورات والتي كان الاردن في قلب الحدث منها وكما سيتم تناوله في تكملة المقال.