الانتخابات الإسرائيلية .. دوافع ونتائج الحلقة الرابعة
حمادة فراعنة
15-04-2019 02:14 PM
لماذا نولي هذا الاهتمام بنتائج الانتخابات الإسرائيلية التي وقعت يوم 9/4/2019 ؟ .
عدة أسباب جوهرية تجعلنا نهتم بهذه الانتخابات ونقرأ نتائجها ونتوقف أمام دلالاتها السياسية، فهي :
أولاً : تتم لدى طرف عدواني له تأثير مباشر على أوضاعنا الأمنية والسياسية، سواء من ناحية فلسطين أو الأردن أو البلدان المحيطة بفلسطين .
ثانياً : تشكل تل أبيب إحدى الأطراف المؤثرة على منطقتنا مثلها مثل تركيا وإيران وأثيوبيا .
ثالثاً : أن فيها ولديها الضلع الأول من أضلاع المثلث الفلسطيني : 1 – فلسطيني مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية، مقارنة مع 2 – الضلع الثاني من فلسطينيي مناطق الاحتلال الثانية عام 1967، أبناء الضفة والقدس والقطاع، إضافة إلى الضلع الثالث 3 – من فلسطينيي المهاجر واللجوء والشتات اللاجئين والنازحين .
ويشكل الضلع الفلسطيني الأول أداة فاعلة ومؤثرة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لأنهم يعيشون في جوف الحوت الإسرائيلي، وهم أول من سجل الانتفاضة الشعبية ضد الاحتلال عام 1976، انتفاضة يوم الأرض في الثلاثين من أذار، في ملحمة بطولية سقط خلالها الشهداء دفاعاً عن الأرض والهوية وفي سياق النضال التراكمي المتواصل متعدد الأوجه والأدوات .
وعلينا أن ننتبه هنا أن الأضلاع الفلسطينية الثلاثة لكل منها أسلوبها وأدواتها في النضال، ولكن نتائجها تصب في مجرى واحد وصولاً نحو المساواة والاستقلال والعودة .
ففي مناطق 48 يعملون من أجل التحرر من التمييز وضد القوانين العنصرية، وتحقيق المساواة، بينما يعمل أبناء مناطق 67 ضد الاحتلال والاستيطان وتحقيق الاستقلال، ويناضل اللاجئون والنازحون من أجل العودة واستعادة الممتلكات .
في الاستخلاصات يمكن التوقف أمام انحدار التمثيل الفلسطيني للأسباب التالية :
أولاً : حالة الانقسام المباشر التي عكست نفسها على الإحساس بالإحباط على اندفاع المصوتين الفلسطينيين فقاطع جزء كبير منهم عملية التصويت، عقاباً لقادة الأحزاب العربية على خيار إنقسام القائمة المشتركة .
ثانياً : تعزيزاً للرؤية التي تقول ما في فائدة، ها نحن حصلنا على ثلاثة عشر مقعداً، ومع ذلك لم تحقق الأحزاب مطالب الجماهير الفلسطينية، بل على العكس خلال هذه الفترة من دورة الكنيست 2015 – 2019، تم تشريع قانون يهودية الدولة العنصري .
ثالثاً : لقد حقق طرفان حالة من الحضور، الأول هو ذاك الذي يدعو للانخراط في عضوية الأحزاب والحياة الإسرائيلية تحقيقاً لمكاسب شخصية ذاتية ضيقة، فأعطوا أكثر من مائة الف صوت لمجمل الأحزاب الإسرائيلية الصهيونية، والثاني من دعا إلى المقاطعة، لأن الانتخابات والمشاركة في عضوية البرلمان تمنح الشرعية للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي ولا تحقق مكسباً حقيقياً للشعب الفلسطيني، فأثروا المقاطعة ولازالوا يدعون لها .
أما الأحزاب الصهيونية فقد إزداد تأثير الاتجاهات اليمينية والمتطرفة والدينية المتشددة لعدة أسباب:
أولها : أن معسكر السلام تراجع وانحسر دوره مع فشل برنامج وإتفاق أوسلو بعد قتل رابين وسقوط بيرس وعمليات حماس الاستشهادية التي دللت لهم عدم امكانية التعايش مع الفلسطينيين .
ثانيها : ضعف الدور الفلسطيني كفاحاً وسياسة وحضوراً بسبب الانقسام بين فتح وحماس وبين الضفة والقطاع، وباتت الأولوية للطرفين مناكفة بعضهما البعض أكثر من مواجهة الاحتلال موحدين، كما أن الطرفين باتا أسيران لخيار التنسيق الأمني بين رام الله وتل أبيب وخيار التهدئة الأمنية بين غزة وتل أبيب، وأن الجموح الإسرائيلي وسياسات الضم والإلحاق والاستيطان لا تُؤثر على الطرف الفلسطيني بردود فعل تصل إلى مستوى المخاطر والوجع للإسرائيليين وبالتالي، إن استمرارية السياسة الإسرائيلية تشكل مكاسب للإسرائيليين بدون خسائر مؤلمة، أو كما يُطلق عليه « احتلال خمس نجوم « .
وثالثها : الحروب البينية العربية التي أظهرت التطرف والجموح لدى أحزاب وتنظيمات تيار الإسلامي المتطرف، فوجد أغلبية الإسرائيليين أن التصدي للتطرف المحتمل ضدهم، يكون بسلسلة من الاجراءات الاحترازية المتطرفة لتضمن لهم البقاء والتفوق .
رابعها : الدعم الأميركي السخي الذي لا يسجل أي امتعاض على السياسات الاستعمارية والتوسعية الإسرائيلية ويوفر له الغطاء والحماية من أي مظاهر إدانة أو عقوبات رادعة على المستوى الدولي .
h.faraneh@yahoo.com
الدستور