لا تزال نبرة التفاؤل في التصريحات الرسمية الأردنية بشأن المخارج والحلول المتعلقة بعملية السلام تتصدر ردود الفعل الأردنية الرسمية والتي تؤكدها تحركات الدبلوماسية الأردنية و تصريحاتها المتكررة.
و بالرغم من أن التفاؤل الأردني يقابله بطريقة موازية - و بمقدار أكبر بلا شك- تصرفات و تصريحات استفزازية إسرائيلية لا تجعل للتفاؤل مكاناً بل تجعل منه أول المغيبين في ظل الظروف و المعطيات الحالية. إذا لابد من دق ناقوس الخطر و فتح باب التساؤلات حول ماذا أعدت الدبلوماسية الأردنية من خطط بديلة لتلافي أخطار التحولات العكسية و التي قد تطرأ و بشكل متسارع كما تشير المعطيات الأولية للمسارات الدبلوماسية و التي قد تضطر للتضحية و اللجوء إلى حلول أكثر عملية ضمن حسابات منطق القوة و التأثير.
إن التصريحات و التأكيدات الإسرائيلية المتتالية تشير إلى أفول أي فرصة لإتمام عملية السلام و أن حل الدولتين قد يكون في طريقه لمدفنه في مقبرة الأحلام الغابرة و بالتالي سنكون بحاجة فقط لبعض من الجرأة اللازمة لننعاه. و حتى تتجلى الأمور بطريقة أوضح يكفينا اليوم التوقف للتصريحات التي يطلقها مستشار الأمن القومي الإسرائيلي, و رأس مطبخه السياسي و صاحب أطروحة المملكة الفلسطينية الهاشمية أوزي اراد, فعلى سبيل المثال لا الحصر يؤكد اراد أن إسرائيل غير معنية بالشعب الفلسطيني و لكنها معنية بأرضها, فأراضينا – و القول هنا لأراد- هي التي نريد أن نحفظها و الفلسطينيين نريد أن نتخلص منهم.
لا يكاد الإسرائيليون يفوتون الفرصة أو أي مناسبة لإطلاق التصريحات التي تستهدف الأردن كياناً و دولةً و شعباً. و على الجانب الآخر يتضح يوماً بعد يوم الوهن الواضح للإدارة الأمريكية في التأثير على العملية السلمية ,و إن كان الكثيرون يودون إنكار هذه الحقيقة و ذلك لان الإدارة الأمريكية هي الأمل الوحيد الباقي و بالتالي يجب أن تمنى النفس دائماً بأن مفتاح الحل قادم من البيت الأبيض, إلا أن الضعف الأمريكي في إدارة الملف واضح و أن التأثير الأمريكي على الإسرائيليين يكاد يكون معدوماً لا بل أن إسرائيل و بحجة الخطر الإيراني أكملت بناء المستوطنات و تقوم بتجربة الصواريخ و المناورات مع الجانب الأمريكي نفسه.
إن مثل هذه التصريحات في ظل هذه الظروف و المعطيات التي تشهدها ديناميكية المشهد السياسي من تبدل التحالفات وسياسة البحث عن الأوراق الرابحة, لا بد لها من دق ناقوس الخطر على صعيد الموقف الرسمي الأردني, و إلى متى سيبقى هذا الموقف أسير سلبية المجتمع الدولي في التعامل مع هذه الأزمة و هو يمارس دور المنتٌظر المحايد. و السؤال الأهم هنا يتعلق بالبدائل الأردنية و الاستعداد في حال إعلان فشل هذه الدبلوماسيات في فرض حلول على الإسرائيليين, فالنتيجة الحتمية ستكون تصدير الإسرائيليين لمشاكلهم خارج حدودهم الجغرافية و رضوخ المجتمع الدولي على أساس أنها أصبحت حقيقة واقعة يجب التعامل معها.
من هنا لابد للدبلوماسية الأردنية من فتح قنوات الاتصال و التعاون مع مختلف الاتجاهات و المسارات والتركيز على بناء تحالفات إستراتيجية جديدة مبنية على المثل القائل" لا تضع كل البيض في سلة واحدة". فالبديل الوحيد لفرض ميزان القوى على سياسة القوة هي قوة السياسة و ذلك بتعدد الخيارات ز تنوع التحالفات كما أثبتت نماذج دبلوماسية مؤخراً.
لاشك أن الأوراق الأردنية الرابحة تتشكل على محاور عدة, فالعلاقات الأردنية السورية المتينة هي حصانة إستراتيجية يجب المحافظة عليها و تقويها بحيث تكون على سلم الأولويات. ظهور تركيا الجديد بالصورة المؤثرة و بالعمق الحالي يجب أن يدفعنا إلى مد جسر تواصل مع الأتراك و على جميع الأصعدة لما فيه من تقديم ضمانات لعمق استراتيجي مميز. لا بد أيضاً من التنسيق مع حركة حماس بالتساوي مع حركة فتح و بذلك يتم المحافظة على مفهوم القضية الفلسطينية الكامل, لأن أي تجزيء سيكون له نتائجه السلبية على الأردن فقط.
و قد تمثل الخطوة الإستراتيجية السورية بالتعاون العسكري الكامل مع روسيا و تقديم التسهيلات البحرية في ميناء اللاذقية مثالاً يستحق الدراسة لأنه يدخل في موضوع التحالفات الإستراتيجية و التي تعزز من مواقف الطرفين. و في النهاية لابد للعلاقات الدبلوماسية الأردنية أن لا تغفل ضرورة فتح الأبواب المغلقة و من هنا لا يجوز للعلاقات الأردنية الإيرانية أن تأخذ طريقاً مسدودا كما تضمنت إشارات التصعيد الضمنية التي تفهم من قرار إغلاق تلفزيوني العالم و Press TV.