تنوي الحكومة توفير شقق رخيصة للمواطنين. الفكرة جيدة ونبيلة. فمن حق المواطن ان يجد سكنا جيدا ولائقا وباسعار مقبولة. لكن للفكرة محاذيرها التي يجب التفكير بها واخذها في الحسبان قبل الشروع بالتطبيق.
ان زيادة المعروض من الشقق وتوفير بديل رخيص للناس سوف ينعكس بشكل سلبي على الايجارات واسعار الشقق، وبالتالي اسعار الاراضي. خصوصا ان هذا القرار ياتي في وقت صعب اصلا على القطاع العقاري.
وهذا يعني انخفاض قيمة رهونات القروض العقارية لدى البنوك وهي كبيرة جدا. ويعني ايضا انخفاض قيمة الضمانات العقارية التي تحتفظ فيها البنوك مقابل قروض تقدمها للافراد والشركات. وهذا يفرض مخاطر كبيرة على البنوك يجب اخذها بعين الاعتبار.
الاثر لن يتوقف عند البنوك. بل سوف يطال صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي وغيره من صناديق التقاعد (المهندسين والاطباء وغيرهم)، ذلك ان اغلب استثمارات هذه الصناديق تتركز في العقار. ما يعني ان القرار سوف ينعكس بشكل سلبي على ملاءة هذه الصناديق وقدرتها على اداء التزامها تجاه منتسبيها.
شركات الاسكان لن تسلم بطبيعة الحال. وهذه الاخرى تعاني اصلا تحت وطأة التباطؤ الاقتصادي وتراجع الطلب على الشقق. ناهيك عن كون الشقق والاراضي تمثل مدخرات الناس وثرواتهم التي جمعوها عبر السنين ومن غير المعقول تعريضها للخطر.
للوهلة الاولى قد يبدو ان الضرر سوف يلحق بالمناطق الشعبية او الفقيرة فقط. لكن واقع الامر ان انخفاض الاسعار سوف يتسلل الى المناطق الاخرى، لان الفارق في اسعار الشقق بين منطقة ومنطقة لا يمكن ان يزيد عن حد معين. عند هذا الحد تبدأ قوى العرض والطلب بالتفاعل لتصحيح هذا الفارق وتبدأ احجار الدمينو بالتحرك.
اي قرار قد يؤثر على القطاع العقاري يجب دراسته جيدا. فالحكومة بغنى عن افتعال ازمة اقتصادية في هذا الوضع الحساس. فالسوق العقاري اصلا يعاني. وصدمة كبيرة على مستوى المعروض قد تتسبب بازمة.
ليس المطلوب ان تغض الحكومة الطرف عن الفكرة. فالفكرة كما اكدت في بداية المقال جيدة. لكن لا بد من التفكير بتبعاتها. وحبذا لو تم اشراك البنك المركزي في المشروع فهو المسؤول عن الاستقرار المالي في البلاد. كما تجدر الاشارة الى ضرورة التدرج والبدء على نطاق ضيق لقييم الاثار اولا باول.