فقدنا قبل أيام قلائل إنسان تجمعت فيه كل معاني الإنسانية وبأرقى معانيها ,تجمعت فيه الأخلاق الحميدة والسلوك الحسن والمعاملة الطيبة , وفوق كل هذا كان رجلاً متعلق قلبه بالله , مطيعاً له قائماً بأوامره وفروضه , لا يخالف لله أمراً ولا نزكيه على الله .
كان رحمه الله عف اللسان لا يحب الغيبة والنميمة ولا القيل والقال ,ولايذكرأحداً إلا بالخير , يعامل الناس بكل أدب وتواضع ومحبة , ودود مع القريب والبعيد , إذا قام للصلاة أطال قيامها وأدّها بكل خشوع وتأني , وإذا صام صام لسانه وجوارحه قبل فمه وبطنه , تعلم من دينه حق الجارعليه, فلم يؤذي جار له لا بكلامه ولا بعمله , عرف ذلك عنه كل من جاوره سواءً بحي الجدعة بالسلط حيث ولد ونشأ وترعرع وعاش شبابه , أو بالحي الشرقي والحي الغربي بصويلح حيث سكن لسنوات طويلة , وأخيراً في إسكان المهندسين بالسلط .
شهد له كل جيرانه بحسن الخلق والجيرة الطيبة ,ولعل حزنهم على فقدانه لم يقل عن حزن أهله عليه , وأما أصدقاه وأصحابه بالعمل في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون حيث عمل فيها لسنوات طويلة زادت عن الثلاثين ,فكانوا أكثر الناس معرفة به , ولعل اجتماعهم على جنازته يوم دفنه خير دليل على محبتهم ومودتهم واحترامهم له .
وأذكر حادثة حصلت لي قبل أكثر من خمس وعشرين عاماً , حيث كنت عضواً بأحد لجان نقابة المهندسين في عمان وتعرفت على مهندس يعمل بالتلفزيون كان معنا باللجنة , فسألني ماذا يقرب لك أبو عبادة الحياري فأخبرته بصلة القرابة , وأنه ابن عمتي فقال لي أن ابن عمتك أمير بأخلاقه ومعاملاته , فحمدت الله كثيراً على ذلك.
عرفه بهذه الصفات الطيبة كل من عاشره من أنسبائه وأصهاره وأقاربه ومعارفه وكل من تعامل معه.
نعم فقدنا والله الأمير أبو عبادة ( عبدالله علي مصطفى العايش الحياري ), الرجل الودود الحنون الواصل للرحم القريب منه والبعيد , العطوف على اليتامى والفقراء والمساكين (كيف لا وهو من فقد والده وهو ابن العاشرة من عمره ).
فقدنا الأمير نسباً والأمير خلقاً ومعاملة , الصوام القوام والعارف لحقوق الله وحقوق العباد والمؤديها كلها حق تأديتها , الرجل المسلم الغيور على دينه وأمته , كان رحمه الله غيور على دينه يحترق قلبه حزنا على حال أمته , وكان دائما يدعو الله أن يصلح حال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها , و أن يعيد لهذه الأمة مجدها وعزها الذي فقدته من قرون عديدة .
رحم الله الأمير أبا عبادة ابن الأكرمين وحفيد الصالحين ووالد الشباب الملتزمين بدينهم ( الذرية الطيبة الصالحة باذن الله تعالى )
هذا هوالأمير الذي فقدناه أبا عباده الحبيب ، الذي نرجو الله أن يتقبله في عليين وأن يجمعنا معه على حوض حبيبه المصطفى ، وأن يحشره مع النبيين و الصديقين والشهداء و حسن أولئك رفيقا .
يا أبا عبادة يا أميرنا الغالي إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا والله على فراقك لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، ونسأل الله تعالى أن يؤجرنا في مصيبتنا وأن يخلفنا خيرا منها.