المشهد الواضح في القضية الفلسطينية ان الشعب الاسرائيلي ما زال متمسك باليمين المتطرف والمخطط الصهيوني الذي طرحه نتنياهو "الذكي" و استطاع ان يسخر الادارة الامريكية لخدمة اهداف الصهيونية الكبرى واحلام دولة اسرائيل . والمشكلة هنا اننا راقبنا الانتخابات الاسرائيلية ومنحناها الاهتمام وكان الكثير منا يتمنى فشل نتنياهو رغم معرفتنا لواقع الحال الاسرائيلي الذي لا يختلف فيه اثنان امام مصالحها العليا مهما كان نوع الشخص أو الحزب الفائز . خاصة واننا نتحدث عن فرصة تاريخية للصهيونية الاسرائيلية بوجود إدارة امريكية مفصلة على اليد الصهيونية ومكيفة على إرادة اللوبي الصهيوني , وبعلاقة حميمة مع بوتين وصمت وضعف اروبي واضح من مواجهة هذه الحقائق , يوازيه اخفاقات عربية مشينة في واقع العلاقات مع اسرائيل, فنحن نعلم إن ادارة ترامب استطاعت ان تخلط الاوراق في منطقتنا العربية واستطاعت تسخير الكثير للسعي لنيل رضاها .
واليوم وبعد انتهاء الانتخابات الاسرائيلية وتصريحات السيد ترامب ننتظر شكل ما تبقى من صفقة القرن ومن سيكون التالي , وعلى حساب من ؟! ستقوم اسرائيل بضم المستعمرات بالضفة والاراضي المحيطة بها بحجة الامن، كما فعلت في الجولان وبالتالي تهويد فلسطين وطرد كل العرب المقيمين , ؟ مع بقاء غزة وجزء من سيناء في اطار الحكم ذاتي للغزاويين وتحت الوصاية المصرية . بينما يتم تقسيم الضفة الغربية الى اجزاء مبعثرة لا تربطها حدود وجعلها كنتونات تتبع بحكمها للاردن , وتكون اسرائيل عندها المهيمن والقادرة على التدخل والسيطرة على أي منطقة في الضفة.
الخطوة الاستباقية التي ستبادر بها ادارة ترامب هي العرض المالي والإغراءات الاقتصادية للفلسطينيين والاردن أولا وإعلان مواقف الدول العربية ثانيا وستعمد ادارةترامب للضغط اكثر على الاردن , لاعتقاد ادارة ترمب ان تخلخل الموقف الاردني سوف يقسم ظهر الفلسطينيين الى مستوى الاستسلام لاحقا . وستقوم الولايات المتحدة بالتمهيد لذلك بالعروض المالية المجزية على الزعامات الفلسطينية حيث تكون السلطة قد انحلت وقرأت الفاتحة على . هذا مع تقديم اغراء كبير لادن بضمه لمجلس التعان الخليجي. ولكن بشروط تحقق اهداف صفقة القرن خاصة استقبال المطرودين من فلسطين وانهاء مسالة العودة وتوقف الاردن عن وصايته للمقدسات في القدس والاشراف على ادارة الكنتونات الفلسطينية المجزءة . وعلى ما اعتقد ان الادارة الامريكية مطمأنة جدا من المواقف العربية تجاه ذلك رغم ما سمعناه وشاهدناه من قرارات في قمة تونس .
ولكن هل انتهى السطر , وتوقف الكلام المباح , وننتظر لنعلن الاستسلام كما يضن ويعتقد نتنياهوا وساسة اسرائيليون مثله . , ام ان هناك مواقف يمكن القيام بها لابطال مفعول هذه الصفقة وافشال كل محاولات تنياهو وساليب مماطلته والغطرسة الفوقية التي نشاهدها هذه الايام , وافاقة الضمير الامريكي لايقاف التهور الكبير الذي يمارسه ترامب وعلى المستويين المحلي والشرق اوسطي والدولي ؟!!. ان وقوف الشعب الفلسطيني كاملا داخل فلسطين بالذات بحالة استنفار كبرى واحتجاجات فلسطينية عربية اسلامية في كل دول العالم سيشكل سدا منيعا تجاه المحاولات الاسرائيلية وسيعزز صورة الفلسطيني الثائر الحر المدافع عن حقه وارضه . جنبا الى جنب مع موقف اردني صارخ ( وهو الاكثر علاقة مع القضية الفلسطينية وطرف اساسي في حل القضية ) مما يعزز الموقف الاقليمي ويصعب الامر على الطرح الااسرائيلي الامريكي خاصة وان موقف الاردن المساند للفلسطينيين والرافض لصفقة القرن سيكون لهاثر كبير خاصة مع وجود إنتفاضة فلسطينية شاملة من غزة الى الضة الغربية وبإسناد عربي واضح واسلامى داعم.
اكثر ما تخشاه اسرائيل هو الثورة الشعبية الفلسطينية واكثر من تتوجسه حكومة اسرائيل هي ردة فعل فلسطينية عربية اسلامية , فالاستراتيجيون الاسرائيليون يدركون بان انتفاضة الفلسطينيين تعني التضحية بالارواح وهذا يقابله الخوف والرعب الذي يتشكل داخل الشعب الاسرائيلي الذي لا يستطيع التضحية ولو بإظفره في سبيل حماية اسرائيل .وعندها سيفشل نتنياهو على ارض الواقع والتطبيق.
ما سيقوم به نتنياهو هو المناورة بمحاولات الضم لكنه لن يبالغ حتى تبقى المعركة بين ادارة ترامب وبين الفلسطينيين والاردنيين ومن يقف معهم بحزم وسوف يخلق حالة تحد بينهما حتى يدفع ادارة ترامب للدخول بقوة في هذا الملف ,فنتنياهو ما زال يخشى اي خسائر داخلية قد تؤدي الى تحطيمه سياسيا . وهدم ما يبنيه عبر سنين الادارة الامريكية الجيدة.