الاقتصاد .. اولوية ثانوية لدى البخيت
سلامه الدرعاوي
16-05-2007 03:00 AM
يرى عدد من المراقبين ان ضعف الخطاب الاقتصادي للحكومة يعود اساسا لرئيس الوزراء د. معروف البخيت الذي لا يولي اهتماما كسابقيه في الحديث عن هذا الشأن.لعل هناك ما يدفع الرئيس لمثل هذا السلوك, فخلفية البخيت العلمية والعملية بعيدة كل البعد عن مجتمع رجال الاعمال واللوبيات الاقتصادية, اضافة الى انه يدرك تماما ان كثرة الحديث عن القضايا الاقتصادية سيف ذو حدين, فالنتائج عادة تكون محفوفة بالمخاطر, والمواطنون يتابعون بادق التفاصيل الحديث الاقتصادي للمسؤولين لمعرفة كيف سيساهم ذلك ايجابا على تحسين معيشتهم, وبالتالي فان المخاطرة بالرصيد الشعبي ستكون مرتفعة لرئيس اذا لم يتحقق شي من تلك الوعود كما جرت العادة, وبالتالي فالابتعاد جملة وتفصيلا عن الحديث في الامور الاقتصادية افضل وقاية من الدخول في مواجهة الدفاع عن السياسات الاقتصادية.
البخيت يختلف كليا عن الرؤساء السابقين في تناوله للشأن الاقتصادي, وقد يكون اقلهم متابعة للقضايا الاقتصادية, على الرغم من ان البيان الحكومي الذي حصلت على اساسه وزارة البخيت ثقة مجلس النواب كان يركز على هذا الموضوع ويوليه اهتماما بالغا من الناحية النظرية, لكن على ارض الواقع يوجد العديد من الشواهد على ان الحكومة ممثلة بشخص الرئيس يتعامل مع الجانب الاقتصادي على اعتبار انه اولوية ثانوية عكس ما اعتادت ان تتغنى به الحكومات السابقة على الدوام من ان متابعة الشأن الاقتصادي على رأس اجندتها.
فابتداء من مرحلة الانعاش التي تحدثت عنها وزارة عبد الرؤوف ومرورا بالقوانين المؤقتة وتداعيات حرب العراق في حكومة علي ابو الراغب وانتهاء باحلام القطار السريع والمريح واستخراج الصخر الزيتي لحكومة عدنان بدران, نأى البخيت بنفسه عن الخوض في تلك السياسات والبرامج التي لا تغني ولا تسمن من جوع, لدرجة انه لا يتحدث بهذا الشأن من ناحية ايجابية او سلبية, فالذي سمع الرئيس في حفل عشاء جمعية رجال الاعمال الاردنيين قبل ثلاثة اسابيع (اللقاء الاقتصادي الوحيد) حول مشروع الديسي يدرك ان العطاء قد فشل تماما وان الرئيس يحاول تخدير الوضع الى حين "ميسرة".
هذه اللغة الهادئة ليست محصورة على المشاريع الحكومية المتعثرة بل ايضا تمتد للمشاريع والخطط التنموية الكبرى الناجحة والتي حققت تقدما ملموسا على صعيد معيشة المواطنين مثل خطة مكافحة الفقر او انجاز عطاءات المطار او السكة, فلغة الرئيس تكاد تكون متشابهة كما لو كان المشروع فاشلا متعثرا مثل استخراج الصخر الزيتي او اكتشاف النفط او احلال العمالة المحلية بدلا من الوافدة, في النهاية الرئيس لا يتحدث عن شيء ويكتفي بتفعيل دوره في التواصل وتكثيف الحوار مع فعاليات ومؤسسات المجتمع حول قوانين سياسية مثل الانتخابات البلدية والنيابية والاحزاب علما ان الحكومة تعلم جيدا انها ليست العنصر الفاعل او الاقوى في ادارة هذا الحوار, علما ان هناك قضايا اقتصادية تتطلب موقفا وتدخلا حكوميا مباشرا لحلها كما هو الحاصل في ازمة تسهيلات الملياردير العراقي اوجي, فالحكومة صامتة عكس ما فعلته حكومة سابقة في قضية التسهيلات المصرفية الاولى, قد يكون الحوار في حفل جمعية رجال الاعمال الاردنيين مؤخرا هو اللقاء الموسع الاول للبخيت مع فعاليات اقتصادية منذ تكليفه قبل عام ونصف العام تقريبا, فالرئيس لا يجتمع كثيرا مع رجال اعمال ومستثمرين ولا حتى مع الصحافة الاقتصادية التي لم يلتق بها الا عندما قرر رفع اسعار المحروقات فقط.
يبدو ان الرئيس البخيت شكل لنفسه اولويات في خطابه الاعلامي بعيدة كل البعد عن الشأن الاقتصادي الذي اصبح عنصرا ثانويا انعكس بشكل مباشر سلبا على اداء معظم وزرائه.