عندما تكون في البتراء يزداد احساسك بعمق انتماء هذه البلاد الى حضارات عريقة, وهذا يثير فيك مشاعر الثقة بهذا الوطن ومستقبله ويمنحك القناعة بان التاريخ طريق مفتوح متصل, وبان الجسور قائمة بين الحضارات المتعاقبة مثلما هي قائمة ايضا بين الاجيال المختلفة, وبان الطريق الى التطور والتقدم والبناء الحضاري في الاردن يكون بقدرتنا, قيادة وشعبا, على بناء الجسور التي تصل بين الماضي والحاضر والمستقبل.بين ماضي مملكة نبطية حضارية مزدهرة, يكرمها العالم, اليوم, بترشيحها الى عجائب الدنيا السبع »الجديدة«, وبين حاضر مملكة اردنية هاشمية تصنع امثولة حضارية رأسمالها شعب منتج وقيادة تعلي صرح البناء الحضاري من دون نفط او غاز ومن دون سماء تدر ذهبا.
تحت خيمة هذه المشاعر المتدفقة, كان لقاؤنا في مدينة البتراء بجلالة سيدنا الذي كرّم اسرة »العرب اليوم« ومنحها فرصة هذا الحديث الشامل, حول الاردن, الوطن والشعب, بآماله واحلامه, بهمومه ومشاكله ومسؤولياته.
عندما تلتقي الملك الشاب تشعر بأهمية التواصل بين القائد وشعبه وتتلمس وانت تستعرض اجابات جلالته على اسئلة »العرب اليوم« انك امام قائد يعرف ماذا اختار لحاضر ومستقبل شعبه ولا يشغله ذلك عن محاولات فتح نوافذ جديدة امام العمل العربي في رحلة البحث عن حل عادل, لصراع مزمن, هو القضية الفلسطينية.
انه مسكون ايضا بتكريس وقته وفكره وطاقته لتوفير حياة كريمة للملايين من ابناء شعبه, اما بالسعي وراء مشاريع واستثمارات للحد من بطالة تهدد مستقبل الاجيال الشابة, او من اجل حث هذه الاجيال وتهيئة الظروف والمناخات لها للالتحاق بحضارة العصر وعلومه من خلال توفير مستلزمات وتقنيات الاقتصاد المعرفي.
لقد اختار الملك لشعبه طريق البناء الحضاري مستلهما عصرا نبطيا يقدم الامثولة بان الحضارات والعمران تبقى ماثلة الى الابد, اما العنف والفوضى والحروب فهي أسوأ الاختيارات التي لا تقود الا الى دمار الاوطان وتخلف الشعوب في زمن يؤكد كل مطلع يوم, انه زمن الاقوياء, بارادتهم وعزيمتهم, القادرين على التنافس في السباق بين الامم والشعوب لبناء حياة عصرية في حضارة لا تعرف التوقف ولا تنتظر المتخلفين والمترددين والضعفاء.
ان مستقبل الاردن هو ما يشغل بال الملك, وتشعر وانت تستمع الى جلالته بانك امام قائد شاب لا يعوزه الاصرار والعزيمة من اجل بناء وطنه واسعاد شعبه, عندئذ تمتلئ بالثقة والامل بان الاردن يسير على الطريق السليم.