الأردن في دور المواجهات الصعبة
فهد الخيطان
14-04-2019 12:29 AM
رغم القلق الأردني العمیق حیال مضامین صفقة القرن المحتملة، إلا أن المسؤولین على مختلف المستویات السیاسیة یتجنبون التعلیق علیھا صراحة بانتظار الكشف عنھا رسمیا.
لكن، وكما یبدو أنھ رد استباقي على مبادرة لا تراعي شروط الحل العادل وفق قرارات الشرعیة الدولیة، لا یتوقف الأردن عن التذكیر یومیا بثوابت الموقف الرسمي ومقومات السلام الدائم في المنطقة على أساس حل الدولتین ومنطوق المبادرة العربیة وقرارات مجلس الأمن.
یركز الأردن بشكل خاص على ملف القدس والوصایة الھاشمیة على المقدسات الإسلامیة والمسیحیة. لكن الموقف الأردني لا یمكن اختصاره بھذا الملف على أھمیتھ البالغة، بل یمكن اعتباره عنوانا عریضا لرؤیة متكاملة، لا تفصل بین قضایا الحل النھائي، ومجمل المصالح الوطنیة العلیا للدولة الأردنیة.
مستشار الأمن القومي الأمیركي جون بولتون قال عشیة انتخابات إسرئیل إن إدارتھ ستعلن خطتھا للحل في وقت قریب. لكن لیس معروفا بعد إن كانت ھذه الخطوة ستسبق تشكیل الحكومة الإسرائیلیة الجدیدة أم سننتظر لحین تشكیلھا ونیلھا ثقة الأغلبیة في الكنیست.
ھویة الحكومة الجدیدة لن تغیر شیئا في خطط واشنطن، ففي كل الحالات نتنیاھو حلیف ترامب الاستراتیجي في موقف قوي، وإن كان ھناك اعتقاد بأن حكومتھ الأكثر یمینیة وتطرفا من سابقتھا قد تتحفظ على بعض مما سیرد في صفقة القرن من تنازلات ”شكلیة“ لمصلحة الجانب الفلسطیني.
نتنیاھو الذي یستعد لولایة خامسة یمر في أفضل فتراتھ. إسرائیل بالمجمل في وضع مثالي غیر مسبوق في ظل دعم أمیركي لا مثیل لھ في تاریخ العلاقات بین الطرفین، یضاف إلیھ علاقات ممتازة بین تل أبیب وموسكو، تجلت في صفقة تسلیم رفات جندي إسرائیلي قتل في لبنان قبل ثلاثة عقود ودفن في سوریة، وحریة كاملة لتنفیذ عملیات عسكریة ضد المصالح الإیرانیة في الداخل السوري.واللافت أن إسرائیل تحصل على كل ھذه التسھیلات دون ادنى تحرك من روسیا للرد على القرار الأمیركي الاعتراف بضم الجولان المحتل للسیادة الإسرائیلیة.
وسط ھذا الانحیاز من جانب قوى كبرى لإسرائیل وعجز أطراف دولیة كدول الاتحاد الأوروبي عن تغییر میزان القوى، كیف بمقدور الأردن أن یتعامل مع التطورات اللاحقة؟
من الظلم تحمیل الأردن المسؤولیة وحده، خاصة وأن دولا عربیة عدیدة تفتح خطوط الاتصال على مصراعیھا مع إسرائیل.
التحدي الماثل أمامنا یفیض عن قدرة الأردن على احتمالھ وحیدا أو التصدي لھ، ولا ننسى أن ھناك ملفات ثنائیة؛ أردنیة إسرائیلیة غایة في الأھمیة والتأثیر على منظومة المصالح الوطنیة، مثل اتفاقیة الغاز وملف الباقورة والغمر الذي أعلن الأردن عدم تجدید اتفاقیة التأجیر، وبدأ مشاورات لإنھائھا ضمن مھلة تنتھي بعد نحو ستة أشھر.أین موقع ھذه الملفات في الصورة الكلیة للمشھد؟
على طاولة صناع القرار الأردني حزمة واسعة من التحدیات الصعبة تتطلب مقاربات حساسة ودقیقة لضمان المصلحة الأردنیة، وھو ما یستدعي تقدیم أكبر دعم ممكن للموقف الأردني في ھذه المرحلة، والانتباه لدقة المرحلة، وترتیب الأولویات بما یخدم ھذه المصالح، بعیدا عن التشكیك والتھریج لحسابات ضیقة.
نعم الأردن في موقف دقیق وصعب.
الغد