عندما تصرخ الزوجة بوجه زوجها بعد يوم أو عشر سنين أو ثلاثين عاماً من الزواج والأولاد وتقول له: لم أعد أطيق العيش في ظلك الحالك، وسوء تدبيرك وثعلبيتك الخبيثة وخطابك المكرر البائس، وطمعك وجشعك وحاشيتك الفاشلة، أفلا يعتقد الزوج أنها النهاية فعلاً، ألا يخشى أن تقتله تلك الزوجة الصابرة المحتسبة ذات نوم عميق للزوج العتيق، بعدما وصلت الى حافة الانهيار النفسي والمعنوي جرّاء ذلك الاحتلال القيادي للطاووس الخالد على عرش بيته المتهاوي، أفلا يتفقان على توقيع معاهدة خلاص تنقذ البيت ومن فيه من شعب الزوجية.
في أقل من أسبوعين، ركب رئيسان عربيان عجوزان قطار الهزيمة، بوتفليقه في الجزائر، والبشير في السودان، وذلك تحت وقع أقدام الشعب الذي وصل حد الهزال وغلبة الجدال والضنك السياسي والاقتصادي في البلدين، لينضما لقائمة الرؤساء السابقين الذين احتفلت شعوبهم بحفل زفافهم الى المقابر أو السجون أو الهروب بعد خراب بلادهم، وبقي واحد يجثم على صدر شعبه بتوقيع سبعمائة ألف قتيل وأحد عشر مليون لاجىء، وبقوة ودعم التحالفات الخارجية.
نفهم أن هناك رجال حكم يسعون الى السطوة والثروة وحب الجاه والسلطان، ولكن هذا لا يمنعهم من أن يفكروا ولو في وقت متأخر من حياتهم الرئاسية بأن هناك بشرا اصطلح على تسميتهم مواطنين يعيشون في دولة رجال الحكم، نساء ورجال وشيوخ وعجائز وشباب وفتيات لهم الحق في أبسط مقومات الحياة، لا ترتبط مصائرهم بما يراه أو يقرره طبقة رجال الحكم، ومع هذا فإن بلادنا العربية باتت أشبه ما تكون بمزارع المواشي، تُذبح متى شاء الزعيم حرباً صبيانية، وتُحلب متى ما تورط الرئيس مالياً، وتقدم قرابينا في العيد الثمانين لعمر الرئيس المنتهي عمره ولا تنتهي صلاحيته.
وحدهم العرب قد تورطوا في تجارة الربا السياسي طويل الأمد، فالرئيس يقدم نفسه أنموذجاً للعدل المزدوج أمام العالم، وداخل بلده يفرق بين الرجل وزوجته بمعيار الولاء والطاعة، فيما يقف مطأطئا برأسه أمام خطابات زعماء العالم المتمدن الذين يتغيرون كل أربع سنوات، ومع هذا يسعون في فترة حكمهم للمزيد من الرفاه لمجتمعاتهم، وإذا فشلوا سياسياً، يقدمون للمحاكمة عبر صناديق الاقتراع، فلا حرب أهلية ولادماء زكية ولا دمار لبنية الدولة.
لقد بات حال الدول العربية مزرياً ومرعباً ومذّلاً، ليس أمام أنفسنا فقط بل وأمام العالم الذي ما زال يؤمن بحقنا أن نلجأ الى بلادهم وأن نعيش بينهم وعلى حسابهم ثم نشتمهم، فبلاد النفط والشمس والماء والتاريخ والبطولات باتت كهفاً مهجوراً تسكنه الأرواح الشريرة والقبور المخيفة والذئاب التي تقرر أنيابها مصائر من يقول لها ارحلوا عنا، ارحل باتت كلمة ثمنها غرفة من جهنم، فهلا خرج علينا نبي ما ليقنع الرؤساء المغلّفة قلوبهم أن يُغيرّوا منهجهم قبل عيد مولدهم المئوي؟
Royal430@hotmail.com
الرأي