الحصانة للوطن لا عليه .. !
د.طلال طلب الشرفات
13-04-2019 05:44 PM
الحصانة المقررة في الدستور، أو القوانين لم يقصد منها منح الشخص حصانة من المساءلة؛ بل من توقيت تلك المساءلة، أو انفلاتها من كل قيد، ولم يهدف منها إجازة تقريع الوطن، وتقزيم مؤسساته، ولا يجوز أبداً استخدامها للإضرار بالوطن، ومنجزاته؛ بل وجدت من أجل حمايته، وتعزيز منعته، وصيانة الحقوق، والحريات وفق ضوابط مصلحة الدولة العليا في المساءلة، والمسؤولية والتي لا يختلف عليها اثنان في المنظور الوطني.
الفكر القومي هو فكر شعبي، وقيم نبيلة، ويرتبط بآمال الوحدة، والتوحد؛ بعيداً عن الارتماء في أحضان نظام آخر؛ لأن الارتماء في أحضان تلك الأنظمة يُخرج الفكر القومي من مضمونه، ويُحيل الشخص لمجرد عميل لهذا النظام أو ذاك، ويترتب عليه مسؤولية قانونية، وجزائية وفقاً لقانون العقوبات، ويلغي هويتة الوطنية، ويدخله في مخالفة دستورية ومن ثمَّ الحنث بالقسم الذي يؤديه بالإخلاص للوطن والملك، والمحافظة على الدستور.
الحلم الرسمي الأردني في التعاطي مع بعض أولئك الذين يمتطون منابر الغرباء للإساءة للأردن، وتفريغ أحقادهم باسلوب مقيت لم يعد يقبل السكوت عليه؛ ليخدم أهدافهم القاصرة المنتقاة بأساليب خبيثة لم تعد تخفى على أحد، ذلك أن علاقتنا مع أشقائنا تديرها الدولة الأردنية صاحبة الولاية الحصرية في تقييم طرق وأساليب الحوار، والقرار في مصالح الدولة العليا، ولمجلس النواب حق الرقابة وفق الأدوات الدستورية، وليس من خلال استغلال مساحات الحرية لبث الأحقاد من جهة، وخدمة تجارتهم الموعودة من جهة أخرى.
نصرة الأجنبي خلافاً للمعايير الوطنية، والقانونية، والإساءة للأردن المقدس ليست وجهة نظر، والألسنة التي تحرض على الوطن، وتذكر مؤسساته بالسوء حرية بالقطع. فالحصانة، والحرية وجدت؛ لتعزيز سيادة القانون، وترسيخ قيم الوطنية والعدالة، وقبول الرأي الآخر وفق المعايير الأخلاقية هو ذاك الذي يعزز قوة الوطن، ومنعته ويحترم كرامته، وعنفوانه، فيرسل للجميع أن الأردن خط احمر عصي على الاختراق أو الخيانة.
لم أصل بعد للمطالبة بسحب جنسية هؤلاء في هذه المرحلة، ولكني أطالب وبأصرار بضرورة إسقاط مشروعية تمثيلهم للمؤسسات التي يعملون بها، وأن تلجم تلك الأصوات النشاز كلما تعلق ذلك بالوطن، ومصالحه العليا، فالتاريخ الأردني – للأسف – ومنذ خمسينات القرن الماضي كان حافلاً بتجارب موجعة، ومؤلمة في الانتصار للأجنبي على حساب الأردن الصابر المرابط، فالوطني الذي يفرط بكرامة وطنه هو بالضرورة قومي فاشل ومترنح وغارق في مستنقع الفشل، والاستكانه.
لم يعد ممكناً احتمال صلف هؤلاء ونكرانهم لما قدمه الأردن لفلسطين، وشعبها، ولأمتنا العربية، وللإنسانية جمعاء في حماية المقدسات، ورعاية اللاجئين، وحفظ السلام في أرجاء المعمورة؛
فالمشاعر التي لا يتقدم بها الوطن على كل ما سواه؛ هي مشاعر تآمرية مكرّسة لخدمة الأجنبي، ومصالحه الضيقة، والمساومة على أولويات الدولة الأردنية في حماية مصالح شعبها واستقراره، وسيادة قرارها الوطني.
بقي أن أقول إن الاختلاف مع الحكومة مشروعاً في إطار حوارنا الوطني الداخلي، ولكن إن تعارض أو تضارب مع مصالح الدولة العليا بعلاقتها مع الدول الأخرى، فإن الوقوف مع الأجنبي خيانة للخبز الأردني الطاهر ونبل أبنائه، وحمى الله الأردن وطننا الحبيب من كل سوء ....!!!