أعرف رأي الأستاذ صالح العرموطي ، نقيب المحامين ، بالنسبة للتمويل الأجنبي والمراكز البحثية والشركات غير الربحية والتقارير الخارجية ، وأحترمه لأنّه يأتي من رجل منتخب ، ويمثّل قطاعاً واسعاً من المجتمع ، ولكنّني لا أويده حين يعمّم فيخلط الحابل بالنابل ، ويجعل الكلّ مدانين أمام المجتمع حتّى لو ثبتت براءتهم.
وأذكر أنّنا دخلنا غير مرّة ، وأمام الجمهور في غير ندوة ، في جدل حول المسألة ، ولم أسمع الأستاذ العرموطي يعمّم ، كما جاء في رسالته إلى رئيس الوزراء ، المنشورة أمس ، ولم أعرف منه ، ولا عنه ، في حال من الأحوال زيادة صلاحيات وزارة الداخلية ، وهو ومجمع النقابات بأسره يعاني من فائض صلاحياتها أصلاً.ويقف نقيب المحامين ، في رسالته ، ضدّ القانون ، فهو وحين يدعو الحكومة إلى تصويب أوضاع المراكز المسجّلة تحت باب الشركات غير الربحية والعودة إلى وزارة الداخلية ، باعتبارها تحايلت على القانون ، يناقض القانون نفسه ، ففي قناعتنتا أنّ وزارة الداخلية ليست المعنية بالأمر ، وإذا كنت أوافق العرموطي على أنّ وزارة الصناعة والتجارة ليست المعنية أيضاً بالأمر ، فلنعد إلى الأصل ، وهو وزارة التنمية السياسية التي ينبغي أن يكون أوّل أعمالها إنعاش العمل في المجتمع المدني ، وهذا ما لا نراه عندنا في حال من الأحوال.
ويخلط العرموطي سواد القمح ببياضه ، فهو يطالب الحكومة بوقف تدخلات السفراء الأجانب ، وفي الوقت نفسه يغمز من باب التقارير الخارجية ، ومن ثمّ يعتبر أنّ هناك من هم بيننا يؤسسون لهذه التقارير ، وكاد يتّهم هؤلاء بالجاسوسية ، وهو يستخدم كلمة هيبة الدولة مستعيراً إيّاها من وزراء داخلية لا نتمنى عودتهم ، ونحمد الله أنّه لم يستخدم كلمة المندسين الشهيرة ، السيئة الصيت.
وأود أن يعود الأستاذ العرموطي ، باعتباره من القانونيين المعتمد رأيهم في الأردن ، إلى الاتفاقية الدولية لمحاربة الفساد ، التي صادقنا عليها ، وصارت في بعض موادها أعلى من بعض القوانين المحلية ، وكيف تدعو إلى التعاون الدولي ، ليس فقط بين الحكومات ، ولكن أيضاً بين المنظمات غير الحكومية ، وإصدار التقارير لمتابعة حسن التنفيذ ، وغير ذلك من المواد التي تحاول احتواء ظاهرة الفساد بتعاون بين الجميع.
وكلام كثير يمكن أن يقال حول رسالة نقيب المحامين إلى رئيس الوزراء ، ولكنّنا نختصر وننهي بالقول إنّ التعميم لا يأتي بالسلامة دائماً ، ويضع الشرفاء إلى جانب اللصوص ، وصحيح أنّ هناك الكثير من العيوب في مسألة التمويل الأجنبي وعلينا تصويبها ، ولكن ليس بوضع الذخيرة في مسدسات الذين لا يريدرن الإصلاح.
وللحديث بقية....