من غیر الممكن للأردن ان یحرز تقدما تنمویا بدون توفیر المزید من المیاه الصالحة وتخفیض كلفة الطاقة لتحقیق المنافسة. مع كل أسف لا یوجد جھد حقیقي ومقنع على اي من المسارین.
الكثیر من السیاسات والاجراءات المتخذة في ھذه الملفات متناقضة ومرتبكة ولا تبعث على التفاؤل.
الاعتقاد السائد ان الأردن بلد فقیر مائیا وتنقصھ موارد الطاقة الضروریة لإحداث التنمیة اعتقاد قدیم جرى تقدیمھ من قبل البنك الدولي والمنظمات العالمیة وتبنتھ الحكومات المتعاقبة وعملت على تكریسھ والالتزام بھ. حتى الیوم لم یحدث ان اختبرت اي من حكوماتنا بجدیة ھذه الافتراضات او عملت ما یقتضي للتحقق من صحة ھذه الادعاءات. او عملت ما یكفي لتغییر الواقع. جمیع الاجراءات والسیاسات لا تعدو ترتیبات لتسییر الاوضاع او تسلیك الامور كما یقال.
صحیح ان المیاه السطحیة في البلاد محدودة فلا بحیرات ولا انھار، لكن الملفت اقبال الجیران على حفر الابار واستغلال المیاه الجوفیة المشتركة بمعدلات تتفوق على استخدامنا لھا.
منذ عقود اقام جیران الأردن غربا وجنوبا وشمالا آلاف المزارع التي تتطلب كمیات ھائلة من المیاه على الحدود الأردنیة ما تطلب حفر مئات الآبار التي تتغذى من احواض المیاه المشتركة والممتدة عبر الاراضي الأردنیة. بالمقابل یواجھ كل أردني یحاول الحفر او یتقدم بطلب للاستصلاح الزراعي بقائمة من المعیقات والعقبات التي لا یجد لھا معنى في ضوء مطالعتھ لما یجري على الجانب الآخر للحدود.
في وادي عربة والاغوار وكما في منطقة البادیة الجنوبیة والشمالیة یشعر المواطن الأردني بالكثیر من الظلم والضبابیة وھو یستمع الى تبریرات المسؤولین لسیاسات منع الحفر والترخیص للآبار لاغراض الزراعة في المناطق الحدودیة.
لا یحتاج المرء للكثیر من التدقیق لاستكشاف عدم منطقیة الاجراءات الأردنیة فبنظرة واحدة من نافذة الطائرة وھي تعبر الحدود الأردنیة السعودیة یمكن استكشاف مستوى التشجیع السعودي والتشدد الأردني في مسألة استخدام المیاه الجوفیة المشتركة بین البلدین لغایات الزراعة. ولا یختلف الامر كثیرا بالنسبة لسكان وادي عربة او البادیة الشمالیة.
العقبات التي یواجھھا الأردنیون في مجال الحفر واستغلال المیاه الجوفیة موجودة في مجال تولید الطاقة. فالقطاع یلفھ الكثیر من الغموض ولا احد یعرف السیاسات التي توجھ العمل في ھذا القطاع الحیوي المكتظ بالافكار والمشروعات المتعارضة وغیر المكتملة.
في ملف الطاقة تتداخل فكرة الطاقة النوویة مع الصخر الزیتي مع الغاز الاسرائیلي مع الطاقة المتجددة ویجري تقدیم الصعب على الممكن والاكثر كلفة على المتیسر ضمن معادلات وألغاز یصعب فھمھا.
حتى الیوم یستغرب الأردنیون تردد الحكومة في السماح للشركات الأردنیة بتولید حاجة البلاد من الطاقة الشمسیة والریاح بحجج حمایة حقوق المصفاة ولاستخدام الغاز المتعاقد علیھ دون التفكیر فیما یمكن ان یحققھ تولید الطاقة محلیا من استقلالیة وانتعاش ینعكسان على اوضاع البلاد الاقتصادیة والبناء المعنوي للسكان.
الاسباب والمبررات التي اتخذت لتقلیص اعمال سلطة المصادر الطبیعیة ونشاطاتھا غیر معروفة تماما خصوصا ان الأردن الیوم ھو الدولة الوحیدة شرق المتوسط التي لم تعلن عن اكتشاف آبار للبترول وحقول للغاز كما فعل الجیران في مصر واسرائیل ولبنان وقبرص وتركیا خلال الاعوام الثلاثة الماضیة.
التخبط الواضح في ادارة ملفي المیاه والطاقة مقلق ویبعث على التساؤل حول من یدیر الملف فلا احد یعرف الاسباب والمبررات لمنح امتیازات البحث والتنقیب والتطویر للشركات العالمیة التي تأتي ولا تلبث ان تتوقف وتغادر لتعود اخرى للقیام بنفس المھمة. خلال العقد الاخیر تناوبت شل وعدد من الشركات الصینیة والاوروبیة على موضوع الصخر الزیتي الذي ما یزال یراوح مراحل المسح والدراسات.
غیاب سلطة المصادر الطبیعیة والجامعات الأردنیة الكفاءات عن عملیات البحث والتنقیب والتحلیل یثیر الكثیر من التساؤلات حول ما اذا كان ھذا الملف یلقى العنایة التي یستحق ویتجاوز كونھ مشروعا من المشروعات التي تتسابق الشركات على تنفیذھا لغایات الربح.
ایا تكن الكلف ومھما كانت العقبات فان من الضروري العمل على تطویر موارد المیاه والطاقة والتوسع في توفیر المزید منھا وضمان حصول الأردن على نصیبھ العادل من الاحواض وتشجیع المواطن على الاستثمار والعمل بعیدا عن توصیات الصنادیق والبنوك والمنظمات الدولیة او رغبات الاصدقاء والجیران.
الغد