الإشاعة لغة هي معلومة زائفة أو خبر كاذب وربما معلومة محرفة ومضخمة بحيث تفقد مضمونها الحقيقي . فالمحصلة والحالة هذه , أن الإشاعة وأيا كان تصنيفها, هي مجرد " كذبة " , وبالتالي فمطلق الإشاعة" كذاب " .
الكاذب أو الكذاب ليس منبوذا إجتماعيا يسخر منه العامة وهو فاقد لثقتهم فحسب , بل ووفق موروثنا الديني , أن محمدا صلوات الله وسلامه عليه , كان قاصدا طريقا لغاية يصحبه فيها جمع من المسلمين , وفي الطريق سأل المصطفى مرافقيه , هل بينكم من هو كذا , فاجابوا بنعم , وكر السؤال عن رجل بمواصفة كذا وكذا , وكانت الإجابات بنعم , إلى أن سأل صلى الله عليه وسلم , هل بينكم كذاب, فأجابوا أيضا بنعم , عندها قال لهم إرجعوا إلى حيث كنا !.
هذا يعني أن ركبا يرافقه كذاب لن يوفق في مبتغاه , لا بل هو في خطر !.
توظف الإشاعات بين الدول الخصوم والأعداء في السلم والحرب معا , والهدف , هو بث الفوضى بين صفوف الطرف الآخر وكسر الروح المعنوية لجيشه ولشعبه , وإيصاله إلى حالة ضعف وهوان يسهل معها أمر هزيمته إن كان الظرف حربا , ونشر الخلافات والفتن والعداوات وتمزيق نسيجه الإجتماعي ووحدته الوطنية إن كان الظرف هدوءا يسبق حربا أو عملا معاديا .
جميعنا نتابع ونلاحظ طوفان الإشاعات الذي يجتاح بلدنا منذ تفجر الربيع العربي , ومعروف أن الإنسان وبدافع الفضول الفطري , يهتم بسماع الإشاعات والبحث عنها , وقد تجد من يستهويه سماعها ومن قد يطرب لها ويتناقلها.
الفراغ ونقص توفر المعلومات الحقيقية من جهة , هو بيئة خصبة لإنتشار الإشاعات وتكاثرها , خاصة في ظل تراجع الثقة بين المواطن ودولته , والمؤامرات الهدامة والنيات غير السليمة لخصوم خارجيين يجدون أعوانا من الداخل , هي أيضا ومن جهة أخطر , بيئة أكثر خصوبة لإنتشار الإشاعات المؤذية التي ليس لها من هدف سوى الخراب .
هذا واقع خطير لا يجوز التهاون بأمره , وعلينا جميعا أن نقاوم طوفان الإشاعات الهدامة بكل ما حبانا الله من قوة , وبالذات في هذا الظرف الإقليمي والدولي الصعب الذي تجتازه منطقتنا وبلدنا تحديدا .
على إعلامنا بشقيه رسميا وخاصا , أن يقود معركتنا مع هذا الطوفان في مسارين , الأول توفير المعلومة الحقيقية لمواطنينا جميعا , والثاني كشف زيف الإشاعات وغاياتها الخسيسة التي تضمر لنا ولبلدنا شرا مستطيرا , وتوعية شعبنا بمدى خطورة هذا الطوفان .
وعلينا جميعا بلا إستثناء لأحد , بإعتبارنا كلنا في مركب واحد إن نجا نجونا جميعنا , وإن غرق لا سمح الله , غرقنا جميعنا كذلك , أن نترفع عن تصديق الإشاعة وأن نئدها في مهدها , وأن نكون على يقين من أن مطلقها مجرد كذاب . فهل يستحق كذاب أيا كان أن يحترم قوله!.
طوفان الإشاعات هو حرب قذرة لئيمة أشد فتكا من السلاح ذاته , ومن يستجيب لها ويسهم في تعميمها , هو أيضا شريك في الكذب بحرب مدمرة , وضد من ! , ضد بلده وشعبه وهويته وحاضره ومستقبله !
. فهل يقبل أردني عاقل واع محترم أن يكون شريكا من حيث يدري أو لا يدري في حرب قذرة ضد وطنه , حتى لو لم يجد قوت يومه ! . أجزم أن ذلك غير ممكن , وهو عار على من يقترفه , وتحت أية ذريعة كانت .
الإشاعة رصاصة , إن عممت قتلت , وإن أهملت فسدت حيث هي , وخاب ظن مطلقها . والله من وراء القصد .