تسربت معلومات قبل أسابیع في عمان، وعلى نطاق محدود، حول تغییرات مرتقبة، على عدة مواقع، والمعلومات التي كانت في نطاق ضیق، شاعت ھذه الأیام.
ھذه المعلومات تتحدث عن تعدیل وزاري، خلال أسابیع، بحیث یخرج عدد من الوزراء، بناء على اعتبارات مختلفة، بالإضافة إلى تغییرات على عدة مواقع قیادیة واساسیة، وعدة مواقع لسفراء في دول ومواقع مھمة، ویتم تناول المعلومات، بشكل واسع ھذه الأیام.
كل ھذا لیس مھما، لأن التغییرات في نظر الناس، مجرد مناقلات، بحیث یخرج أحدھم من موقعھ إلى موقع آخر، وبحیث یستقیل أحدھم، من أجل تعیین أحد آخر، وعلینا أن نلاحظ أن الرأي العام في الأردن، بات واعیا إلى الدرجة التي لا یأبھ كل مرة، بالتغییرات، بقدر سؤالھ عن السیاسات، وإذا ما كانت ستبقى كما ھي أم لا، إضافة إلى التشكیك بذات التغییرات من حیث كونھا تعاني من شبھة التنفیعات، أحیانا، أو انھا غیر مناسبة أساسا ؟.
في كل الأحوال ھناك ثلاثة ملفات الیوم، حساسة جدا، توجب على مركز القرار في عمان، مراعاتھا عند اجراء ھذه التغییرات، سواء في ھذا التوقیت أو غیره، وھي ما یتعلق بملف القضیة الفلسطینیة، والحل السیاسي، وصفقة القرن، ووضع السلطة الوطنیة الفلسطینیة، وتھدیدات ضم الضفة الغربیة، والأخطار على القدس، وما یمثلھ الاحتلال الإسرائیلي من خطر كبیر على الأردن، في ظل ما یمكن وصفھ بتغیر النظرة الاستراتیجیة الأمیركیة للمنطقة ككل.
ھذا الملف، یعد داخلیا، بقدر كونھ ملفا خارجیا، إلا ان ارتداده الداخلي خطیر جدا، سیاسیا، واقتصادیا، واجتماعیا، مما یجعلنا نسأل عن الفریق الذي سیدیر ھذا الملف، بغیر الطریقة الجاریة حالیا، والتي تقتصر على شخصین أو ثلاثة اشخاص، یدیرونھ بطریقة عادیة، لا تؤشر على الخطورة أساسا، ولا تؤشر أساسا على وجود إحساس بالخطر او الطوارئ، واذا ما كانت أیة تغییرات، ستكون مجرد حركة مناقلات، أم انھا سوف تراعي حساسیات ھذا الملف، وبقیة
الملفات التي تضغط على العصب الداخلي.
الملف الثاني یرتبط بالبنیة الداخلیة في الأردن، التي یتم تركھا بكل مشاكلھا، سواء الاقتصادیة أو الاجتماعیة، وھو ملف لا یقف عنده أحد، بغیر الإدارة الیومیة، ومن الواضح أن الإدارة الیومیة، باتت مرھقة ومنھكة، ودعونا نتأمل طبیعة ونوعیة وأرقام الجرائم مثلا، أو قضایا المخدرات، أو نسب الطلاق، أو البطالة، أو الفقر، أو وضع البنى التحتیة، أو واقع النقل، أو خدمات الصحة، أو وضع التعلیم المدرسي، أو الجامعي، أو واقع قطاعات مثل الزراعة والسیاحة، لندرك بشكل واضح، أن ھناك سوء إدارة لھذه الملفات، وتراجعات كبیرة، لا ینكرھا أحد، ولیست بحاجة إلى معارضة حتى تتحدث عنھا. یجب عدم ترك القطاعات لتتراجع، مع ضرورة تحسینھا والانتباه لھا، حتى في ظل الإمكانات الموجودة، وھذا الملف تحدیدا لا بد من أن تعبّر أي تغییرات عن أھمیتھ، بدلا من التغییرات المعتادة، التي لا تعني شیئا.
الملف الثالث یرتبط بعلاقاتنا العربیة والإقلیمیة، التي تشھد تناقضات وتقلبات وتعقیدات كبیرة، زاد من حدتھا، رغبتنا بالظھور بصورة مختلفة، تماشیا مع ثوابتنا ولو تأملنا خریطة ملف السیاسات الخارجیة، لاكتشفنا ظاھرا أن لدینا قدرة عظیمة ومرونة للانفتاح على كل الأطراف والفرقاء، برغم ما بینھا من تناقضات، وھذا أمر جید، وتوظفنا فیھ المحاور المستجدة، لمآربھا أیضا.
التغییرات إذا تمت فعلیا في عمان، خلال فترة قریبة، أو تم تأجیلھا، یجب ألا تكون شكلیة، وأن تعبر عن أولویات الأردن، وعن ازماتھ، وعن فھم عمان الرسمیة، لما یجري، وبدون ذلك، فإن الأفضل أن نبقى دون تغییرات، وان نواصل بذات الفریق إیاه.
الغد