ملاحظات على هامش جلسة ”الأحوال الشخصية”
فهد الخيطان
09-04-2019 12:39 AM
مثلما كان متوقعا انحازت أغلبیة أعضاء مجلس الأمة بغرفتیھ لقرار النواب بشأن تعدیلین مھمین على قانون الأحوال الشخصیة، مخالفة بذلك قرار مجلس الأعیان بخصوص استثناءات سن الزواج المبكر والوصیة الواجبة بعد إصرار الأعیان على شمول أولاد البنت المتوفاة قبل والدھا أو معھ وبالحصول على ثلث التركة وجوبا.
لجأ المجلسان لخیار الجلسة المشتركة بعد إصرار الأعیان على موقفھم المخالف لقرار النواب، لكن في جلسة الأمس لم یتحدث من الأعیان سوى المؤیدین لموقف النواب والمخالفین لقرار مجلسھم. والمفارقة الأجدى بالملاحظة ھنا أن متحدثا واحدا أید قرار الأعیان في الجلسة وھو النائب خالد رمضان الذي انحاز للنساء في مسألة المیراث، وعارض الاستثناءات في الزواج المبكر.
الملاحظة الثانیة الجدیرة بالانتباه ھي توافق رأي المؤسسة الدینیة الرسمیة مع رأي ممثلي الحركات الإسلامیة تحت القبة. فقد تناوب المتحدثون من الطرفین على تأیید قرار النواب والطعن برأي الأعیان الذي لم یجد من یدافع عنھ من الأعیان.
الملاحظة الثالثة ھو توجھ أغلبیة المتحدثین نحو دعم ما یمكن أن نسمیھ التوصیة المحافظة من طرف النواب، بصرف النظر عن التوصیفات التقلیدیة السائدة في الأوساط السیاسیة، فاللیبرالیون من رموز المجلسین دعموا بقوة قرار النواب، وكانت مداخلة رئیس الوزراء الأسبق عبدالله النسور حاسمة لجھة تأمین الأغلبیة لصالح قرار النواب.
رئیس الوزراء الأسبق سمیر الرفاعي حاول فك الاشتباك بین الدیني والمدني في السجال الساخن تحت القبة، لكنھ انحاز في نفس الوقت لقرار النواب، فیما تواصلت المداخلات النیابیة القائمة على حجج دینیة ثابتة، الأمر الذي حال دون إدارة اجتھاد موضوعي خارج السیاق الدیني.
إلى جانب الحجج الدینیة حرص مؤیدو قرار النواب على ربط رأي المخالفین بالمنظمات الأجنبیة ووصمھم بالتبعیة للخارج وتنفیذ أجندة مشبوھة على حد قولھم. مع أن الجلسة المشتركة عقدت للنظر في خلاف المجلسین ولیس توصیات منظمات المجتمع المدني التي دعمت موقف الأعیان بالطبع.
عادة ما یكون الحقل الاجتماعي ھو المیدان الذي تختبر فیھ المواقف التقدمیة مقارنة بالتوجھات المحافظة. في الجانب السیاسي تختلط الأمور كثیرا وتتداخل المواقف. وقد بدأ من مناقشات الأمس أن فرص التقدم في عملیة الاصلاح ببلادنا ماتزال محكومة بمحددات اجتماعیة وثقافیة یصعب كسرھا في المجال السیاسي قبل الاجتماعي والثقافي والدیني. لیس ثمة فروق تذكر بین مواقف النخب السیاسیة حیال عملیة الاصلاح والتحدیث، لابل إن الأغلبیة لاتجد رابطا بین مسارات الاصلاح المختلفة، وتعتقد جازمة أن بالإمكان إحداث تغییر في البنى السیاسیة الفوقیة دون تحدیث البنى التحتیة. تجربة الأشقاء في تونس والمغرب تفید بغیر ذلك، لكن المشرق العربي في عمومھ مایزال غارقا في موروثھ.
في كل الأحوال القانون الجدید تضمن إصلاحات جیدة وإن كانت محدودة لكن الطریق مایزال طویلا.
بالمناسبة لم نسمع صوت الحكومة بالأمس أین تقف؟!
الغد