عندما تتابع بعض وسائل الإعلام السوريه الرسميه تجد حديثا وحتى مقاطع إذاعيه دراميه تتحدث حول مخيم الركبان وكيف تمنع أمريكا من خلال التنظيمات الموالية لها عودة الناس إلى بيوتهم وقراهم، وقبل أيام كان وزير الخارجيه الروسي في عمان يتحدث عن عرقلة أمريكيه لتفكيك مخيم الركبان لأنه مرتبط بوجود القوات الأمريكيه في قاعدة التنف في الصحراء السورية، ونسمع حاليا عن اجتماع مرتقب بين الأردن وموسكو وواشنطن حول الركبان نهايه الشهر.
هذا الملف تتبادل فيه الدول المعنية الاتهامات، ونحن في الأردن دفعنا ثمنا لوجوده من دماء شهداء الجيش العربي الأردني، ومازال ملفا مقلقا رغم أنه موجود على الأرض السورية، ويمكن للجيش السوري الذي سيطر على جغرافيا واسعه أن يقوم بعملية عسكريه تعيد الناس إلى قراهم ومدنهم.
وإذا كان مبرر بقاء الركبان هو أنه منطقه تنافس أمريكي روسي، فإن مناطق تماس الأردن وارتباطه مع ملف اللجوء السوري تمتد إلى مخيم الزعتري والأزرق ومئات الآلاف من الأشقاء السوريين الذين يقيمون على الأرض الاردنية، وهؤلاء ليسوا خاضعين لسيطرة أمريكيه أو منطقه تنافس روسية أمريكيه بل قرارهم بأيديهم، والحدود الأردنيه السورية مفتوحة، ولم يعد منهم إلى سوريا منذ فتح الحدود سوى أقل من 20 ألفا، رغم كل ماتم ميدانيا في سوريا من سيطرة الحكومة، ورغم أن النسبة الأعظم من السوريين الموجودين في الأردن هم من الجنوب السوري ومحيط دمشق العاصمة فلماذا لا يعودون؟؟
لعل النظام السوري ليس متحمسا لعودة السوريين المهاجرين، لأن عودتهم تحمل عبئا أمنيا على الدولة هناك، وأيضا عبئا خدماتيا، لأن هؤلاء يحتاجون إلى خدمات وإعمار ومدارس ومراكز صحية...
والسوري المهاجر يمنعه من العودة خوفه من حساب أمني وكلنا يعرف منهج الأجهزة الأمنية في الحساب والعقاب، ويمنع شبابهم التجنيد الإجباري العسكري كما أنهم لا يملكون مبلغ البدل المالي، كما أن من امتلك عملا واستقرارا نسبيا في أي دولة لا يريد المغامرة بالعودة إلى واقع غير واضح المعالم.
الأردن يعمل لتفكيك مخيم الركبان لأنه يمثل مصدر قلق أمني وعبئا إنسانيا، وأمريكا وروسيا تتعاملان معه كجزء من نقاط التنافس، لكننا نحن الأردنيين نأمل أن نرى اللحظه التي يتم فيها تفكيك مخيم الزعتري والأزرق، وأن نرى الأشقاء يعودون إلى مدنهم وبيوتهم، وأن نرى سوريا أكثر استقرارا بلا أي احتلال من أي طرف.
نعلم أن الأردن يدعو إلى عودة الأشقاء السوريين بشكل طوعي وآمن، لكن الأردنيين يريدون عودة كامله تزيل عن الدولة الأردنية عبئا لحرب دفعنا ثمنا كبيرا لها، ونريد أن نرى الشعب السوري يتخلص من أوصاف اللجوء والنزوح.
العالم وتحديدا الدول التي تعبث بسوريا لا يعنيها عودة لاجئين ولا تفكيك الركبان بل يعنيها المحافظة على مكاسبها القادمة من حرب أشعلوا نيرانها ويريدون الحصول على ثمن من بيع رمادها.