الكلام عن التعدیل الوزاري لھ وقع خاص على قلوب السیاسیین الأردنیین، فھو الطبق المفضل على موائدھم وأمسیاتھم.
لانعلم إن كان رئیس الوزراء عمر الرزاز یفكر بإجراء تعدیل ثالث على حكومتھ أم لا؟ ھناك من یدعي بأن الرئیس أخذ الضوء الأخضر لإجراء التعدیل، بینما یؤكد طرف ثان بأنھ ینتظر الموافقة، وربما لم یحسم أمره بطلب التعدیل. لكن أیا تكن الحقیقة فإن ماكنة الإشاعات لاتتوقف عن إحصاء الخارجین والداخلین في التعدیل الوزاري، وتحدید مواقیتھ.
التعدیل الأول على حكومة الرزاز ارتبط بتقییم أداء الوزراء بعد مائة یوم على تشكیلھا، أما التعدیل الثاني فقد فرضتھ ظروف طارئة، ولم یشمل سوى حقیبتین.
ھل رئیس الوزراء بصدد إجراء تقییم ثان لفریقھ الوزاري لیقرر بعده التعدیل؟
أعتقد أننا تجاوزنا ھذه المرحلة. الحكومة انھمكت خلال الأسابیع الماضیة بوضع برامج عمل لتنفیذ خططھا وأولویاتھا، وتنوي أن تعلن للعموم في وقت قریب حزمة من القرارات التنفیذیة في مجالات التشغیل ومكافحة الفقر والبطالة، وتحفیز النمو الاقتصادي بوصفھا أولویات وطنیة شكلت عناوین لسجال عام ارتقى حد المواجھة في الشارع مع جموع العاطلین عن العمل واقتضى من الحكومة التحرك میدانیا لاحتواء موجة الغضب المطلبي. إضافة إلى ذلك تخطط
الحكومة للسیر قدما في حوار وطني حول أولویات الاصلاح السیاسي وتحدیث تشریعات أساسیة كقانوني اللامركزیة والأحزاب.
الخطط على كل ھذه الصعد جاھزة كما فھمنا، ومن المفترض أن الوزراء المعنیین ھم من أعدوھا، ویستعدون لتنفیذھا، فكیف یمكن استبدالھم في ھذا التوقیت، لنأتي بوزراء جدد ربما یكون لھم رأي آخر في الخطط الموضوعة، لنعود بذلك لنقطة الصفر في التخطیط ونھدر الوقت الثمین دون فائدة تذكر؟!
صحیح أن فریق الرزاز یواجھ مشكلات في الانسجام والتناغم بین مكوناتھ، وھذا أمر معروف ومتداول في الأوساط السیاسیة، لكن عندما یتحقق الاتفاق على برامج عملیة وخطط تنفیذیة تعكس أولویات المواطنین، تصبح التباینات الشخصیة والحسابات الفردیة شأنا أقل اھمیة، لابل قد تتلاشى تماما مع انخراط الفریق في عمل مشترك وفق رؤیة موحدة، ویكون النجاح مصلحة مشتركة تجمع الوزراء على اختلاف مواقفھم.
التعدیل الوزاري یصبح واجبا، إذا بلغت الخلافات حدا یتعذر معھ تنفیذ الأولویات المتفق علیھا، أو إذا وجد رئیس الوزراء أن بعضا من وزرائھ غیر قادرین على تحمل المسؤولیات المناطة لھم. ھل وصل الرئیس إلى ھذا الحد من الاعتقاد؟ لا أحد یعلم على وجھ الدقة. یقول البعض إن التعدیل الوزاري عادة مایستخدم كوسیلة لتشتیت الانتباه، وإلھاء عامة الناس بحدث یبعث على التوقعات، ما یساھم في شراء الوقت لحین تتمكن الحكومة معھ من إدارة التحدیات ومقاربتھا على نحو یحقق النتائج المرجوة مع مرور الوقت.
في تقالید السیاسة الأردنیة،ھذا المبرر على بساطتھ وعبثیتھ، یغدو حاجة لابد منھا.
الغد