في كل أسرة ھناك طبق أو أكثر تزعم الأم أن لا أحد یعده بالطریقة التي تتبعھا ولا یكسبھ المذاق الذي تكسبھ لھ.
ما أن یتجرأ أحد الأبناء بالسؤال عن طریقة الطھو أو مقادیر المكونات المستخدمة حتى ترتبك الأم وتلجأ إلى اسالیب التوریة والإیھام والتمویھ . فتتغاضى عن ذكر بعض المقادیر ولا تعطي الزمن الحقیقي للطھو وقد تتناسى بعض انواع البھارات والمطیبات المستخدمة .
التكتیك الذي تستخدمھ الأم في حمایة صناعتھا المنزلیة لا یروق لبعض الأبناء الذین یرون في ما تقدمھ المطاعم أطباقا اكثر جودة وألذ مذاقا مما تقدمھ الأم بالرغم من حرصھا المتزاید على ألا یأكل الجمیع إلا مما تعده أیادیھا.
مھما تكن المواقف من الأطباق المنزلیة وجودتھا فإن ھناك من ما یزال یؤمن بلذتھا ویحرص على استمرارھا باعتبارھا منتجات عائلیة تحمل ھویة الأسرة وتقوي روابطھا وینظر لھا كملكیة فكریة وعلامة جودة تستعصي على التقلید والمضاھاة .
المشكلة في الاطباق المنزلیة انھا تعد بطریقة غامضة وتحاك حولھا سردیات ناقصة. الأجیال الجدیدة من الابناء والاحفاد یختلفون عمن سبقھم في نظرتھم وتقییمھم لما یقدم لھم فلدیھم من الاھتمام والفضول ما یمنع قبولھم بالاطباق التي لا یعرفون مكوناتھا وطریقة طھوھا .
في مجال انتاج واستیراد وصناعة وتوزیع وبیع الطاقة تمتلك الحكومة وصفة سریة لا تختلف عن وصفة الامھات اللواتي ورثنھا عن الجدات. لقد بقیت تسعیرة الوقود لغزا محیرا واستیراد الغاز سرا تجري مناقشة الاتفاقیة التي ابرمت مع الاسرائیلیین في مجلس الشعب الذي لم یطلع على نصوصھا.
في بلد تسطع على اراضیھ الشمس طوال العام یجري وضع العراقیل في وجھ كل من یحاول تولید طاقة شمسیة نظیفة بحجة ضعف طاقة التخزین وتدني قدرة الشبكة ویجري تسعیر الطاقة المنتجة من الریاح بأقل من عشر سعرھا في السوق .
الجدل الذي اثیر في مجلس النواب حول المخاطبات التي جرت بین وزارة الطاقة والمستثمر الكویتي الذي اقترح تأسیس مصفاة بترول في محافظة العقبة امر لافت فالوزارة المعنیة ما تزال تدرس وتفكر في وضع سیاسات واستراتیجیات للطاقة . وھي تتوقع من المستثمر ان یجري دراسة جدوى..وترى ان من واجبھا ان تبین لھ المخاطر .
المواطن الأردني ولجنة الطاقة في مجلس النواب ووزارة الطاقة لا تعرف بالضبط ملامح السیاسات العامة في مجال الطاقة ولا احد یعرف بالضبط إلى أین نحن ذاھبون.
اذا كان الأردن راغبا في تولید الطاقة النظیفة من مصادر متجددة فلماذا لا تعرض خطة طموحة وواضحة ومشجعة حول الاستثمار في ھذا المیدان ویفتح ابواب الاستثمار في طاقة الشمس والریاح لكل الناس وكل الشركات وبأسعار متساویة وغیر متذبذبة كما ھي الیوم.
واذا كانت البلاد متجھة نحو الاعتماد على الذات فلماذا نتورط في اتفاقیة طویلة الامد مع دولة لا تحترم الاتفاقیات والمعاھدات المبرمة والموقع علیھا؟
الاستمرار في ادارة ملف الطاقة بوصفات غیر واضحة یربك القطاع ویغذي الشكوك ویحرم البلاد من فرص استثماریة واعدة.
الغد