5 فروق بين الاحتجاجات في السودان والجزائر
07-04-2019 08:17 PM
عمون - فرضت الأحداث في كل من السودان والجزائر نفسها على الساحة، مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية في كلتا الدولتين العربيتين التي تطالب بتغييرات في نظام الحكم.
لكن مسيرة الأحداث في الدولتين تختلف عن بعضهما البعض، فبينما أعلن الرئيس الجزائري استقالته بعد نحو 6 أسابيع من الاحتجاجات الشعبية التي عرفت بالحراك، واندلعت في 22 شباط/فبراير 2019 في عديد من المدن الجزائريّة، لا زال الرئيس السوداني عمر البشير على رأس السلطة في السودان على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الاحتجاجات السودانية التي اندلعت يوم 19 ديسمبر/كانون الأول من عام 2018 في بعض المدن بسببِ ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.
وبين السودان والجزائر تظهر بعض الفروق في الحالتين كما تظهر أوجه تشابه أخرى، سنحاول رصدها في التقرير التالي:
الأسباب
بدأت الاحتجاجات في السودان رداً على تردي الأوضاع الاقتصادية وغلاء أسعار المعيشة، يوم الأربعاء في مدينتي بورتسودان شرق البلاد وعطبرة شمالها ثم امتدت في اليوم التالي 20 ديسمبر/كانون الأول إلى مدن أخرى من بينها العاصمة الخرطوم قبل أن تتجدد يومي الجمعة والسبت خصوصًا في الخرطوم وأم درمان والأبَيض في ولاية شمال كردفان.
وشهدت هذه الاحتجاجات السلميّة رد فعل عنيف من قِبل السلطات التي استعملت مُختلف الأسلحة في تفريق المتظاهرين بما في ذلك الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي بل شهدت بعض المدن استعمالًا واضحا للرصاص الحي من قبل قوات الأمن السودانية مما تسبب في سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف المتظاهرين.
أما الاحتجاجات في الجزائر فاندلعت في 22 شباط/فبراير 2019 في عديد من المدن الجزائرية للمطالبة بعدم ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لفترة رئاسية خامسة؛ وذلك بعدما رشحته أحزاب الموالية وحزب جبهة التحرير الوطني — الحزب الحاكم في البلاد — للمشاركة في السباق الانتخابي ثم أعلنت العديد من الأحزاب والنقابات دعمها لإعادة انتخاب بوتفليقة رغم حالتهُ الصحيّة المتدهورة منذأُصيب بسكتة دماغية عام 2013.
البداية
يبدأ أسبوع الاحتجاجات في الجزائر بيوم الأحد حيت تتخلله كل مظاهرات لشرائح اجتماعية أو لقطاعات مهنية كل مرة، وبدأت في 22 فبراية 2019.
وكل يوم ثلاثاء تقريبا تقوم الحكومة أو شخصيات سياسية مؤيدة للنظام القائم بتصريح على شكل اقتراح حل للأزمة الحالية تليها ردود فعل عبر الكواليس ومنابر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. ويختتم الأسبوع كل يوم جمعة بخروج بمسيرات شعبية كبرى بمسيرات في المدن الرئيسية الجزائرية وبعض المدن في العالم حيث توجد جالية جزائرية.
واستمر الوضع على ذلك حتى أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة استقالته وقدمها إلى المجلس الدستوري، إذ أنه بعد الجمعة السادسة التي عرفت بقيام رئيس الأركان أحمد قايد صالح قبلها بيومين بالمطالبة بتطبيق المادة 102 من الدستور، نتجت عنه حرب إعلامية كبيرة كترجمة لصراع بين فريق يدعم الجيش وفريق يدعم الرئيس وأنصاره انتهت بتقديم عبد العزيز بوتفليقة استقالته وتسليم السلطات لرئيس المجلس الدستوري.
أما في السودان فلا زال المحتجون في الشوارع يطالبون برحيل النظام، وآخر هذه الاحتجاجات كان اليوم إذ قال شهود لـ"رويترز" إن آلاف المحتجين اعتصموا أمام مقر إقامة الرئيس السوداني عمر البشير في وسط الخرطوم اليوم الأحد بعد أن أقاموا الخيام هناك خلال الليل في أعقاب أكبر مظاهرة خلال الاحتجاجات التي بدأت قبل أشهر ضد حكمه المستمر منذ 30 عاما.
وإلى الآن يرفض البشير التنحي ويقول إن أي تغيير في السلطة يجب أن يتم عبر صناديق الاقتراع.
النتيجة
ويبدو أن نجاح احتجاجات مماثلة، وإن كانت أكبر حجما، في الجزائر في إجبار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على التنحي الأسبوع الماضي قد شجع النشطاء السودانيين على الدعوة إلى احتجاجات أمس السبت للاحتفال بذكرى الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس جعفر النميري عام 1985 في أعقاب احتجاجات حاشدة على حكمه. وحث المحتجون الجيش على الوقوف معهم مرة أخرى في محاولة لعزل البشير من السلطة.
رئيس تحرير صحيفة "التيار" السودانية، عثمان ميرغني، قال إن "الاعتصام الذي بدأ، أمس، ولا زال قائمًا حول مقر القيادة العامة لقوات الجيش، فاق كل التوقعات، ولذلك قرر المحتجون الاعتصام لأيام؛ في محاولة لاستمالة الجيش نحو الشارع السوداني، وكان واضحًا تقديم الجيش الحماية للجماهير، خوفًا من تعرضهم للإصابة من جانب القوات الأخرى، وحاول طمأنة المحتجين في حرم القيادة العامة، طالما أن المظاهرات سلمية".
رد فعل الرئيس
وحول إمكانية تكرار سيناريو الجزائر في السودان، اعتبر ميرغني في حديثه مع برنامج "بين السطور" المذاع عبر أثير "سبوتنيك"، أن "ذلك السيناريو مرشح بقوة ويمكن تكراره بسهولة، خاصة أن السودان سبق له تنفيذ هذا السيناريو مرتين في التاريخ، الأولى في أكتوبر/ تشرين عام 1964، والثانية في أبريل/ نيسان 1985، وأطاح خلالها بحكومتين عسكريتين"، موضحًا "استلهام الشعب السوداني لتجربة الجزائر التي سبقته بأيام قليلة —وفق قوله-".
وعن ما قدمه الرئيس البشير لاسترضاء الشارع منذ اندلاع الاحتجاجات في منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أكد عثمان ميرغني، رئيس تحرير صحيفة "التيار" السودانية، أن "الرئيس البشير حاول امتصاص غضب الجماهير في أكثر من مناسبة، من خلال إصدار بعض القرارات، التي ظن أنها سترضي الشارع، منها حل الحكومة وتشكيل حكومة أشبه بالعسكرية، بالإضافة لإصدار قانون الطوارئ، ومحاكمة المتهمين بصورة إيجابية سريعة، كمحاولة للتجاوب مع مطالب الشارع".
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي السوداني، ياسر عركي، إن "المتظاهرين استجابوا لحملات مكثفة أطلقها تجمع المهنيين منذ أسبوع، للإعلان عن موكب السادس من أبريل، إحياءًا لذكرى أكبر انتفاضة شعبية، أطاحت بنظام الرئيس الاسبق جعفر النميري، ولكن تمت مواجهة الاحتجاجات بعدد كبير القوات، تسببت في عمليات كر وفر، ما أدى لدخول المحتجين لشارع القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة".
وأضاف عركي في حديثه مع برنامج "بين السطور" المذاع عبر أثير "سبوتنيك"، أن "الطريق المؤدي لمقر القيادة العام والرابط بين جامعة الخرطوم ومشستشفى الخرطوم العام، يبلغ 12طوله أكثر كيلومتر، كان مليئًا بالمتظاهرين، وقد تعامل الجيش السوداني مع هذه الموجة الاحتجاجية الغير مسبوقة بمسؤولية تامة، ومنع قوات الشرطة من التعرض للجماهير، وطالبهم بالانسحاب من المنطقة، وحتى الآن لا يوجد أي قوات شرطية في محيط القيادة العامة منذ أمس".
ومن جانبه قال الدكتور بشير آدم رحمة، القيادي في المؤتمر الشعبي السوداني في اتصال هاتفي مع "سبوتنيك" اليوم الأحد، إنه "لا يمكن المقارنة بين الوضع السوداني والوضع الجزائري ، فالوضع السوداني يختلف كثيرا وبه تعقيدات كبيرة، والشعب السوداني معتاد في ظل أي من الانتفاضات أن تنتهي أموره بالتفاوض".
وأشار آدم رحمة، إلى أن "الوضع السياسي في السودان لا تتوافق معه الكثير من سيناريوهات المنطقة، فلم يشهد السودان خروج رئيس مباشرة عقب التظاهرات أو الاحتجاجات وإنما تجري الأمور عن طريق التفاوض والتوافق السياسي".
واستطرد قائلا: "يبدو أنه حتى الآن التوافقات السياسية لم تنضج بعد، وهذا هو السبب في تأخر الحلول في السودان إلى الآن، ويمكن أن يخرج علينا الرئيس البشير معلنا التنحي أو الاستقالة، لكن هذا لن يحدث إلا بعد التفاوض والاتفاق السياسي، وهذا الأمر تقوم به الأحزاب أو القوى السياسية".
وقال القيادي السوداني، إن "الشباب الذين يتظاهرون في الشارع تقف وراؤهم قوة سياسية تسمى "المهنيين"، ولا يمكن أن يكون الأمر بالبساطة بأن تخرج بعض الجماهير للشارع وتقول "سلم السلطة"، فيتم الإذعان لها على الفور وتسليم السلطة، يجب أن يكون هناك تفاوض، وهذا لا يحدث لا مع قوى سياسية، وتظاهرات الشارع مهمة جدا وتمهد للسيناريو القادم وهي نوع من الضغط للوصول للتوافقات والاتفاقات السياسية".
وحول الاتفاقات التي أعلنت عنها الحكومة بشأن عقد اتفاق مع حركة العدل والمساواة قال آدم رحمة، إن العدل والمساواة جهة مسلحة ولا علاقة لها بما يجري في الشارع السوداني الآن، وتظاهرات الشارع هي حركات سلمية، لذا التفاوض معها يختلف عن التفاوض مع الشارع والاحتجاجات الحالية".
دور الجيش
وحول إمكانية وجود دورللجيش في تحقيق تفاهم بين الرئيس البشير والشارع، أشار عركي، إلى بيان النائب الأول لرئيس الجمهورية بن عوف، الذي نفى من خلاله، حدوث إنقسام داخل الجيش، حول الوضع في الشارع السوداني، معتبرًا أن الطريقة التي تعامل بها الجنود، أمس، مع الثوار وطريقة الاستقبال الإيجابية، توضح أن الجيش السوداني منحاز للشارع تمامًا —بحسب قوله-.
أما في السيناريو الجزائري فقد أعلن الجيش أكثر من مرة موقفا واضحا مضاد للرئيس عبد العزيز بوتفليقة آخرها في السادس والعشرين من مارس/آذار حيث طالبَ قائد أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح بضرورة تطبيق المادة 102 من الدستور الجزائري "استجابةً للمطالب الشعبيّة".
وتنصّ المادة على ضرورة اجتماع المجلس الدستوري وجوبًا في حالة ما استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن واختيار رئيس مجلس الأمّة للقيام بمهام رئيس الدولة لمدة أقصاها تسعون يوما؛ تنظم خلالها انتخابات رئاسية ولا يَحق لرئيس الدولة المعين بهذه الطريقة أن يترشح لرئاسة الجمهورية.