صحوة الشباب في مواجهة العنف والإرهاب
د. ثابت النابلسي
07-04-2019 05:55 PM
قراءة في القرار الأممي رقم (2250)
إذا أرادت أمة من الأمم أن تحقق لنفسها تقدماً حضارياً مزدهراً، فلا بد أن يتوافر الأمن والسلام لديها سواءً كان على المستوى الفردي أم الاجتماعي، وذلك وفق ما أكدته تجارب الأمم، وما شهدته الشعوب ذات الحضارات العريقة؛ فلا إبداع من غير استقرار، ولا نهضة علمية أو اجتماعية من غير أمن أو طمأنينة، فالأمن والاستقرار يسهم في شحذ العزائم، ويُعلي الهمم، ويطلق الحرية للعقول المبدعة.
لماذا الصحوة الآن؟!
لأن الأمن هو الأساس المتين، والقاعدة الصلبة التي يقام عليها صرح الحضارات، وهو اللغة المعتمدة التي تقود إلى صنع التقدم والازدهار للمجتمعات، فتحظى بالاستقرار وتنعم بالسكينة والطمأنينة.
ولي العهد الأمير الحسين ونظرته إلى الأمن والسلام:
كانت مبادرة الأردن لطرح مشروع القرار الأممي (2250) ضرورة ملحة يفرضها علينا ديننا الحنيف، ووطننا العزيز، وأمتنا المعتدلة التي جعلها الله تعالى خير أمة أخرجت للناس·
إن القرار رقم (2250) الذي قدمهُ الأردن كمشروع أممي، هو استكمال للجهود الأردنية التي بدأها الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، خلال ترأسه جلسة النقاش المفتوحة في مجلس الأمن حول دور الشباب في مجابهة التطرف وتعزيز السلام.
إن ما يشهده العالم من استنزاف لطاقات الشباب وإمكانياته، وزجهم في النزاعات المسلحة، تتحمله كافة الدول، ومن هنا جاء دور الأردن وقيادته الحكيمة في منع هذه النزاعات والحد منها، وذلك من خلال تشجيع جميع الدول وحثها على توفير البيئة المحفزة للشباب، ووضع الآليات لتمكينهم من المساهمة بشكل فاعل في تحقيق الأمن، وبناء السلام ونشر ثقافة التسامح والمحبة، وأن على هذه الدول احترم حقوق الإنسان وضمانها لجميع الأفراد، بمن فيهم الشباب، وعلى كل منها أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن حماية سكانها من جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية.
إن مقصد الأردن من طرح هذا المشروع هو حماية جوهر الحياة الإنسانية بطرق ترتقي بتحقيق الذات الإنسانية، وحمايتها من التهديدات الخطرة، وتمكين الناس من أن يتولوا زمام المبادرة، والسعي إلى طرح حلول شاملة، ومتكاملة يكون محورها الإنسان.
لماذا هذا القرار ؟
هذا القرار يدعو إلى إعطاء الشباب فرصة للمشاركة في عمليات بناء السلام، وبالتحديد هو اعتراف بضرورة أن يعطى الشباب دورًا على طاولة المفاوضات، وأن يتم تمثيلهم، كما ينظر إلى القرار بأنه الطريقة التي ننصت بها للشباب وتحويلهم من قضية تُعد مشكلة لمجتمعاتهم إلى الاعتراف بدورهم الإيجابي في بناء السلام، وتحقيق الأمن.
القرار ظاهرة غير مسبوقة:
لأول مرة في تاريخ الأمم المتحدة يتنبى مجلس الأمن قرارا يضع الشباب أمام مسؤولياتهم بوصفهم شريكا رئيسًا في قضايا الأمن والسلام، وهو اعتراف بأنه لا يمكن تحقيق الأمن والسلام دون تنمية، ولا يمكن تحقيق التنمية دون الأمن والسلام.
دور الشباب في تحقيق الأمن والسلام:
ومن هنا يأتي دور الشباب الذي يمثل أمل المجتمع ومستقبله، وأكثر فئات المجتمع حيوية وقدرة ونشاطاً في التغيير، مما يجعله يهتم بسبل علاج المشكلات بالاعتماد على ما لديه من قدرات إبداعية وابتكارية، وتطلعه إلى ما هو جديد من خلال المشاركة والاندماج والتشغيل وفك الارتباط فالشباب هم العنصر الفاعل.
فالقرار اليوم للشباب أنفسهم، فالدور المطلوب منهم القيام به لا يُفرض عليهم، بل يختارونه بإرادتهم، فليس هناك متسع للوم وتحميل الخطأ للآخرين، لأننا نعيش اليوم في عالم متسارع يسعى إلى تحقيق الأمن ونشر ثقافة التسامح.
دور وزارة الشباب في تحقيق الأمن والسلام:
تعتبر وزارة الشباب المظلة الرسمية للشباب الأردني، وهي تسعى جاهدة في نشر ثقافة الأمن والسلام بين الشباب وأفراد المجتمع، منطلقة في ذلك من الرؤى الملكية السامية، كما تعمل الوزارة مع الجهات ذات العلاقة كمنظومة للارتقاء بالشباب نحو القيام بدورهم البناء في بناء المجتمع الأردني، من خلال طرح المبادرات والبرامج والأنشطة التي تهدف إلى تحقيق الذات الإنسانية.
فالشباب في رؤية الوزارة ورسالتها هم دائمًا في المقدمة، فهي تدعم كل التوجهات الحقيقية نحو العمل الجاد والهادف في ترسيخ ثقافة الأمن والسلام، فقد بدأت كافة المؤسسات الشبابية وبتوجيه من الوزارة في وضع خطط تنفيذية تقوم على بناء الشراكات وتفعيل دور الشباب بوصفهم شريكًا استراتيجيًا في عملية السلام، وأيضًا في مكافحة التطرف والإرهاب، ليكونوا في المستقبل القريب الصوت المسموع، والفكر المبدع الذي يرسم خارطة الطريق لتحقيق صحوة القرن، والخروج من ظلمات الجهل والصراع، والولوج إلى عالم المحبة والتسامح.