facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




قوة الموسيقى


د. عادل يعقوب الشمايله
07-04-2019 12:51 PM

من النادر، أن يُعيدَ الانسان الطبيعي، مهما كان مستوى تعليمه ومحتوى ثقافته، قراءة كتاب معين، عشرات المرات وعلى مدى سنين، حتى ولو أعجبه غاية الاعجاب. من الطبيعي أن يرجع الباحث الاكاديمي، الى كتاب سبق وأن قرأه، لغايات الاقتباس، أو كمرجع في دراسة أو مؤلف جديد، أو لاستيضاح فكرة معينة، أو للتأكد من صحة فهمه لها. لا ينطبق ما سبق ذكره، على طلاب الجامعات الذين يضطرون لاعادة مذاكرة الكتب المقررة لاجتياز الامتحانات.
الاستثناء الوحيد هو الكتب الدينية المقدسة عند أتباعها. إذ من المعتاد أن يُعاود المؤمنون "بكتاب معين" تلاوته مرارا وتكرارا وربما يوميا، رغم أن لا أحد، نعم لا أحد، يفهم على وجه اليقين ما جاء في كتابه المقدس، ولو قرأه مليون مرة. ولذلك يجتهد المفسرون والمختصون في "كل دين" في تفسيره قدر إستطاعتهم خدمة متجردة للدين، أو حسب رغباتهم، أو حسب رغبة ومصلحة السلطة الحاكمة. ولذلك توجد مئات الشروحات والتفسيرات لكل "كتاب مقدس"، ولم تتوقف عملية التفسير لأي دين على مدى القرون الطويلة.

الوضع مع الموسيقى يختلف. فالناس يستمعون للمغنين والمغنيات المفضلين لديهم، بصورة متكررة ولسنوات طويلة. حتى وإن ملوا من إحدى الاغاني لتكرار سماعها فانهم يطربون لسماعها مرة اخرى اذا انقطعوا عنها لفترة. مَنْ، مِنْ مواليد الخمسينات والستينات والسبعينات لا يطربُ لام كلثوم وفيروز ونجاة الصغيرة ومحمد عبدالوهاب وفريد الاطرش وعبدالحليم رغم أنهم ماتوا منذ عقود؟

لا بد هنا أن نفرق ما بين لحن الاغنية وكلماتها. إذ ينطبق على كلمات أي أُغنية ما ينطبق على المواد المكتوبة من كتب ومقالات واشعار، من حيث ندرة تكرار قرائتها. المستمع لأي أغنية لا يركز كثيرا على الكلمات، حتى ولو كانت قصيدة لشاعر مشهور كنزار قباني او احمد رامي، او احمد شوقي أو ايليا ابو ماضي أو أبو العلاء المعري. ولكن الموسيقى وأداء المغني هو ما يعطي الكلمات الحياة المستمرة.

عند الاستماع الى الاغاني، يرتاحُ العقلُ من عمله المُنهِك. يأخذ لحظات نقاهة، فيستغل القلب غياب سلطان العقل وسوطه، ليصبح سيد الموقف، وتنفتح الافاق للخيالات والاحلام والتأملات.
لذلك تلجأ الاديان الى استخدام الموسيقى في الاناشيد الدينية والترانيم والتلاوة الموسيقية. السبب أنه عند الاستماع، يسيطرُ اللحنُ والصوتُ ويعلوان في تأثيرهما على التحليل والتفسير العقلي، ويستسلم المؤمن المستمع الى تسلل النفحات الايمانية الى وجدانه وقلبه وضميره.

قوة الموسيقى يمكن توظيفها في السياسة عموما، ومن قبل المحتجين خصوصا. قد تكون الموسيقى والاناشيد المُلحنةُ وسيلة أقوى وابقى تأثيرا من هتافات السب والقذائف الصوتية. ولعل أداء الفنان الاردني موسى حجازين (سمعه) وشقيقه احمد الزعبي خير دليل على ذلك.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :