تتواتر الأنباء والتصريحات تتسارع حول تسوية أمريكية باتت تأخذ رواجاً في التصريحات وحث الخطا للتطبيق، فعقب نقل السفارة الأمريكية للقدس والإعتراف بها عاصمة لإسرائيل وقرار ترمب ضم الجولان.. ننتظر المقبل !
وإزاء هذه الخطوات المتلاحقة والتي تسابقها التصريحات، يرى البعض أن الدور الأردني يجب أن يكون أصلب وأكثر التفافاً لمواجهة هذه الإنعطافة من تاريخ المنطقة، والتي هي محل تغيير وتبديل منذ عقودٍ مضت.
يبدو أن المرحلة الحالية ليست بأقل صعوبة ودقة من مراحل مشابهة مثل حرب الـ 67 وأزمة الخليج (91) ومراحل أخرى مر بها الأردن وكانت ظروفه دقيقة، وهددت أمنه واستقراره أو حاولت وضعه موضع التنفيذ لا في موضع القرار والمشاركة بمستقبل المنطقة.
ونجا الأردن من هذه المحن، وتجاوز تلك اللحظات مؤكداً أن شرعيته الهاشمية والوطنية رصيد ليس للخطاب السياسي وحسب، بل هي قوة كامنة تتحرك وتصون الوطن.
واليوم، وأمام الطرح الأمريكي المتسارع، والاختراقات التي حققتها الدبلوماسية الأردنية سواء في زيارات جلالة الملك لآوروبا وبناء رأي عالمي مضاد لأي طرح لا يُرضي المصالح الوطنية الأردنية والحقوق المشروعة للفلسطنيين والتي تمتلك وثائقها ولها طريق طويل من الإعترافات الأمريكية والعالمية المتحققة منذ بدأت عملية السلام مطلع تسعينات القرن الماضي.
ويحاول الإحتلال اليوم تغيير الحقائق على الأرض مدعوماً بانحياز أمريكي تام وبائنٍ لإسرائيل، على حساب دوره كوسيط لسنواتٍ مضت، وفي صلب هذا المشهد أحوج ما نكون لصلابة الوحدة والتكاتف.
والدعوة الملكية، واللاءات الثلاث، هي مقدمة لخلق حالة وطنية أعربت عن حالها في تصديها لأي مخطط يمس الثوابت الأردنية، وهي دفعة معنويةٍ أثبتت أن الدولة الأردنية قوية وممثلة لآمال ووجدان الأردنيين جميعاً بعمقٍ عروبي مدرك لحسه التاريخي ودوره.
فالتغيير ورسم الخرائط ليس وصفة قابلة للتطبيق حال الحديث بها، والأردن الهاشمي قادر، وهو دولة عميقة بمدنه وقراه وثوابته، ودم الشهداء الذي بذله في مراحل تاريخية مختلفة من عمره، كما أن الشعب الأردني حيٌ وذو صوت قادر على الوصول والوقوف أمام أي مدٍ يحاول المساس بوجوده.
والتاريخ ينطق بالكثير من مخططات أخطر وأكثر دهاءً مما يطرحه ترمب حيكت للأردن أو كان مستهدفاً فيها، ونجح في تجاوزها أو تعديلها ضمن رؤاه ومقدرته على الوجود، بدءاً من احتلال فلسطين ولغاية اليوم.
كثيرة هي الصيغ المتداولة والمروج لها.. ولكن الحقيقة هي الصيغة الأصدق التي يرسم ملامحها الأردنيون اليوم، بموقفهم التاريخي خلف قيادتهم الهاشمية في تصديهم لتسويةٍ تريد أن تظلم الحاضر والأجيال العربية المقبلة .