توصية بإستحداث وزارة "الإدارة المحلية" ومنح مزيداً من الصلاحيات لمجالس المحافظات..
عمون - أمل الأطرش - أوصى تقرير خاص بمراجعة تشريعات قانون اللامركزية بإستحداث وزارة للإدارة المحلية تضم المجالس الأربعة (التنفيذي, البلدي, المحلي, والمحافظة), تعمل على تمكين هذه المجالس من أداء مهامها لتحقيق أهداف التنمية وبما يضمن تكامل عمل المجالس وتخفيف المشاكل التي ظهرت بين المجالس الأربعة, تمهيداً إلى اخضاعها إلى قانون واحد, على أن تدمج هذه الوزارة لاحقاً مع وزارة البلديات.
أطلق التقرير للمناقشة في جلسة الأثنين الماضي أدارها النائب د. علي الحجاحجة, رئيس اللجنة الإدارية في مجلس النواب, وصدر التقرير عن مركز قلعة الكرك للإستشارات والتدريب بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية.
تضمن التقرير تعديلات هامة على مواد قانون اللامركزية, توسع صلاحيات المجلس وحقه بالمراقبة والمساءلة والمحاسبة, إضافة إلى رفده بكوادر فنية وادارية وبنية تحتية.
المديرة التنفيذية لمركز قلعة الكرك المحامية إسراء محادين أكدت على أن مخرجات ومقترحات هذا التقرير تهدف إلى تحسين وتجويد فعالية القانون بحيث يحقق الغاية المرجوة من فكرة اللامركزية, مؤكدة أن هذه المقترحات والتعديلات هي نتيجة لقاءات مكثفة مع أعضاء هذه المجالس, مشيرة إلى أن دولة تونس احتاجت إلى ثمان سنوات, وفرت خلالها بنية تحتية لمشروع اللامركزية, ومن ثم عملت على تنفيذ اللامركزية. وتحدد محادين مشكلة "اللامركزية بأنه لم يكن لدى الحكومة رؤية واضحة تجاهها وماذا تريد من مشروع اللامركزية". وتضيف بأن التقرير اقترح تمكين مجالس المحافظات بالمساهمة في عملية صنع القرار, والرقابة والإشراف, وهو منصوص عليه في القانون ولكنه بحاجة إلى توضيح من خلال تعديل بعض المواد.
يشار إلى مجالس المحافظات عانت الكثير من المعيقات في بداية عملها, أقلها عدم توفير مبان للمجالس في كافة محافظات المملكة وكذلك العاصمة عمان, إضافة إلى مناكفات الوزارات والدوائر الحكومية والمجالس الإنتخابية المختلفة.
الديمقراطية تحتاج إلى ديمقراطيين
تحت شعار "الديمقراطية تحتاج إلى ديمقراطيين" تعمل مؤسسة فريدريش إيبرت الالمانية في الأردن بالإشتغال على القوانين الإصلاحية وإدامة الإرادة السياسية في الإصلاح, وفقاً لمديرة المشاريع أمل أبو جريس التي تؤكد أنه "الوقت الأهم في الأردن, حيث تتشغل وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية على عدة قوانين اصلاحية, فيما تشتغل اللجنة القانونية في مجلس النواب بمناقشة قانون اللامركزية, ونحن أيضاً نعمل منذ عام مع قلعة الكرك على تعديل قانون اللامركزية, وأشتعلنا مع موظفي دائرة الكتل والإئتلاف في مجلس النواب, وكذلك على قانون الإنتخابات.
النائب د. الحجاجحة قال أن الملك عبد الله الثاني أكد على أن "خيار اللامركزية هو خيار استراتيجي ولا رجعة عنه", مؤكداً أن مؤسسات اللامركزية ومجالس المحافظات أصبحت واقعاً, وحتى يستقيم وضعها أكثر, يتوجب دعمها بالإرادة والإدارة, لذا نحن بحاجة إلى تحديث القوانين الإصلاحية كاملة, منها البلديات, الموازنة العامة, الإقامة, وغيرها, وأن تجويد قانون اللامركزية بمعزل عن بقية القوانين لن يحدث أي تغيير.
أبرز التعديلات
من أبرز التعديلات التي أوصى بها التقرير, إلغاء البندين (3 و 7) من الفقرة (أ) من المادة الثالثة من قانون اللامركزية, حيث ينص البند 3 على "التنسيق بين المجالس والبلديات في المحافظة والوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات العامة", فيما ينص البند 7 على "العمل مع المجلس التنفيذي على توفير المناخ الملائم لتشجيع الإستثمار في المحافظة وتوفير متطلبات التنمية الإقتصادية والإجتماعية وإتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة", ويستند التقرير بمبرر إلغاء البندين إلى أنها "تعتبر المحافظ في مركز أعلى وأقوى من مجلس المحافظة المنتخب مع أنه يرأس المجلس التنفيذي الذي يجب أن يكون خاضعاً لرقابة مجلس المحافظة المنتخب وليس العكس".
فيما طالب التقرير بتعديل المادة السادسة (الفقرة ج- 1) بحيث يتم زيادة عدد المقاعد المخصصة للنساء إلى 25% بدلاً من 10% من خلال إلغاء الفقرة (د) الذي ينص على أن "يعين مجلس الوزراء بناءً على تنسيب الوزير 15% من عدد أعضاء المجلس المنتخبين في المجلس على أن يخصص ثلث النسبة للنساء".
وطالب التقرير بتوسيع صلاحيات المجلس بما يتعلق بمشروع الموازنة, وأن لا تقتصر فقط على حق "الإطلاع" على كيفية تنفيذ الموازنات السنوية, ولا "اقتراح" إنشاء مشاريع استثمارية. ومناقشة عمليات تنفيذ المشاريع, بما لا يتعارض مع عمل أجهزة الرقابة المختلفة.
ولضمان مفهوم مبدأ "الإستقلال المالي والإداري" اقترح التقرير تعديل الفقرة (ج) من المادة التاسعة بدلاً من اقرارها وتقديرها من قبل مجلس الوزراء أن يتم "تحديد مكافأة رئيس وأعضاء المجلس بموجب نظام يصدر لهذه الغاية ويجوز الجمع بين هذه المكافأت والرواتب التقاعدية لكل من رئيس المجلس وأعضائه".
ونص المقترح المتعلق بالمادة السابعة عشرة الخاصة بانتخاب اعضاء المجلس وعدد الأصوات المسموح بإنتخابها, نص على تعديل الفقرة (أ) بحيث تصبح على النحو التالي: يتم انتخاب رئيس وأعضاء المجلس انتخاباً عاماً وسرياً ومباشراً. فيما تعدل الفقرة (ب) يكون لكل ناخب صوت مخصص لمقعد رئيس المجلس وعدد من الأصوات بمقدار عدد المقاعد المخصصة للدائرة الإنتخابية. ومبرر ذلك أن انتخاب الرئيس من قبل الناخبين مباشرة وليس الأعضاء سيمنح الرئيس قوة اضافية بمواجهة المجالس الأخرى, ولضمان انسجام المجلس بعيداً عن الإصطفافات الإنتخابية البينية التي قد تؤثر على عمله, إضافة إلى تعزيز جودة عملية انتخاب الأعضاء عن طريق تنويع الإعتبارات التي يتم الإنتخاب على أساسها, ومثل هذا التقييد يؤثر على جودة التشريعات الراعية للديمقراطية ومشاركة المواطنين.
الجلسة النقاشية شارك فيها ممثلين من مجلس النواب, وزارة الداخلية, الشؤون السياسية والبرلمانية, التخطيط والتعاون الدولي, والبلديات. وكان لافتاً تحمس النواب المشاركين دعوتهم إلى منح مزيداً من الصلاحيات لمجالس المحافظات خاصة بعد أن اثبتت وجودها في أرض الواقع.
النائب الحجاجة في بداية النقاش طرح السؤال التالي: هل نملك تصوراً إلى أين نحن ذاهبون بمشروع "اللامركزية" وما هي الصورة التي نريدها لهذا المشروع..؟
مداخلة النائب العماوي
النائب د. مصطفى العماوي, أجاب بمداخلته أن "العجز" يكمن بالقانون, فعندما شرع لم يمنح كل الصلاحيات والمهام, وأنها كانت مهام عددها فقط 8 وليست (15 أو 20), وكان يجب ان نجرب هذه التجربة والتي تحدث للمرة الأولى في الأردن. مشيراً إلى أهمية وجود علاقة "حميمية" مع مجلس النواب, بحيث يتم دعوة مجالس المحافظات للمناقشة بقضايا محافظاتهم ومعرفة أولوياتهم (التعليمية, الصحية, الخ..) من أجل العمل على زيادة حصصهم. مؤكداً أن الرقابة والمساءلة حددت بقانون اللامركزية, وهو قانون خاص, والقانون الخاص يقيد القانون العام, وبحال استحداث وزارة للإدارة المحلية, فإن نقل الصلاحيات, هو نقل حكم, والمحافظ هو حاكم, لذا يتوجب إعادة النظر في الإسم.. هل هو إدارة محلية أم حكم محلي..؟ موضحاً "ما يهمنا هو إلغاء وزارة البلديات, وأن يكون هناك هيئة لإدارة البلديات وشؤونها, وان يكون هناك توجه لإعطاء المساءلة والمحاسبة لمجالس المحافظات ورفدها بكوادر فنية وادارية وبنية تحتية, وخط اتصال مع "النواب". وقال العماوي: نحن نسعى لنقل الصلاحيات لمجالس المحافظات بحيث يصبح مدير الإشغال على سبيل المثال, مسؤولاً أمام رئيس مجلس المحافظة, بحيث نصل إلى مرحلة المساءلة "لماذا فتحت الطريق في منطقة ما دون غيرها". واقترح العماوي أن يتم اشراك في مجالس المحافظات رؤوساء البلديات والغرف التجارية والنقابات, ومدراء الكهرباء (بيوت خبرة).
مداخلة النائب محمود الفراهيد
النائب محمود الفراهيد قال إن مجالس المحافظات نجحت بالعمل كجهة رقابية على بعض الوزارات, بحيث لم يعد هناك امكانية لتحويل أي وزير نفقات مشروع في منطقة ما إلى منطقة أخرى كما كان يجري في السابق, وبالتالي, كانت بعض المحافظات تتعرض إلى جور, فجاءت مجالس المحافظات وأنهت هذا التغول وضبطت الأمور, بحيث لا يمكن إعطاء أو تحويل مخصات أي محافظة إلى محافظة أخرى إرضاءً لفلان أو علان. واضاف الفراهيد أنه يجب منح مجالس المحافظات مزيداً من الصلاحيات في اعداد الموازنات, وتحديد الاولويات, والرقابة على تنفيذ المشاريع. ودعا إلى أن يتم تحديد الأعضاء المعينيين من قبل مجلس الوزراء وفقاً للاختصاصات غير المتوفرة في مجالس المحافظات.
المحامية اسراء محادين أكدت أن هناك شكاوى كثيرة بعدم وجود قانونيين, مقترحة أن يتم رفدها بقانونيين ومستشارين. فيما أكد النائب الحجاحجة أنه يمكن تغطية النقص من دوائر الدولة المختلفة, كوزارة الأشغال, وتوافق الحجاحجة والنائب العماوي على أنه يمكن رفد هذه المجالس بموظفين من مجلس النواب لوحده, مما لا يكلف الدولة أي نفقات اضافية.
لا صلاحيات لمشروع جديد
مدير التخطيط والتطوير المؤسسي في وزارة البلديات راكز الخلايلة أكد على أنه من الطبيعي أن لا تمنح صلاحيات واسعة لمشروع لا يزال في بدايته, مؤكداً أن الحكومة ومجلس النواب, يدركان منذ البداية أن هذه التشريعات ليست الممارسة الفضلى, وأن الحكومة مستعدة للأخذ بالملاحظات بعد الممارسة, ومن أهمها التنسيق بين مجالس اللامركزية وصولاً إلى مجلس النواب. موضحاً أن التنسيق بين هذه المجالس من المعيقات التي ظهرت بعد تطبيق اللامركزية, مستدركاً أن التشريعات جيدة..! ويضيف الخلايلة أن مسألة التعيين ليست سيئة وأنها مطبقة في دول أجنبية مثل هولندا والمانيا, ولكنها مشروطة, بحيث يتم سد النقص من خلال اختيار الأكفاً, بينما عندنا لا يوجد شروط تحدد المعينيين. موضحاً أن المحافظات, لديهم نقص في المجالس المنتخبة بالأشخاص المؤهلين, ويتم سد النقص من خلال التعيين, داعياً إلى أن يتم وضع تشريع يحدد الشروط المطلوب توفرها بمن يتم تعيينهم في هذه المجالس.
مراجعة الأنظمة الداخلية
المحافظ محمد السرحان من مديرية التنمية المحلية في وزارة الداخلية, أعرب عن أمله لو أن التقرير تضمن الأنظمة الداخلية الخاصة باللامركزية (المالي, الدوائر الانتخابية, الموظفين.. الخ), موضحاً أن الممارسة الفضلى كانت من خلال النظام الداخلي لمجالس المحافظات, الذي حدد كادر الموظفين, وصلاحيات رئيس المجلس التنفيذي الخاصة بالإنتداب والنقل بحكم الوزارات, مستدركاً أن ذلك لم يتم تنفذه, مؤكداً أن مراجعة الأنظمة المرتبطة بهذا القانون مهمة جداً, وأن مجالس المحافظات خلقت على أرض الواقع قصص نجاح.
المديرة التنفيذية لمركز قلعة الكرك اسراء محادين أكدت أن مراجعة الأنظمة الداخلية سيتم مراجعتها في وقت لاحق.