الأيام تضرب بقسوة، لا أحد يضرب بقسوة مثلما تفعل الأيام. انها مدرسة الحياة الحربية المدججة بالدروس، الدرس الذي لا يقتلك فيها فانه يقوّيك هكذا هي، التحقنا بها رغم أنوفنا وخضعنا لظروفها وفصولها وتلقينا فيها الدروس المؤلمة والصفعات الموجعة، ألفنا التغيير والتبديل فيها، تعلمنا فيها أن بعض العقول تحتاج الى اعادة تدوير لأنها تمتلك شفرة معينة يصعب فكّها فلا هي تقتنع بمنطق ولا تستوعب بكلام ولا ينفع معها علم ولا حلم ولا قوة ولا حزم!
الأيام إذا ارادت ان تبالغ في قسوتها عليك جعلتك تتعامل مع هذه العقول، عقول لديها نوع آخر من المعرفة ونوع آخر الحياء ليس كالحياء الذي عند بقية الخلق لديها نوع آخر من المحبة.. حتى محبتهم لها رائحة كريهة تزكم الأنوف، البعد عنهم غنيمة والقرب منهم غريمة ...
عقول لا تتغير ولن تتغير في يوم من الأيام وما من أحد يملك أن يغيرها هكذا يبدو لي، عقول ترفض التغيير فلا داعي إلى إضاعة الوقت في محاولة ذلك، نعم تلك هي حالهم! لا يتغيرون وهم مصرّون على ذلك، فقط هم يغيرون مهاراتهم في الكذب والتلفيق ويطورونها بشكل أفضل وبتكنولوجيا جديدة وينزلون الى مستوى متدنِ مع مرور الزمن وبذلك يقتربون من حقيقتهم وجوهرهم يوماً بعد يوم،
وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا اليها، لا يقيلون عثرة ولا يقبلون معذرة ولا يغفرون ذنباً، لا يرجى لهم خير ولا يؤمن لهم شر هذه هي جبلتهم، واني لأعلم ان مَنْ كان قويّ النفس والعقل فذلك هو سيدهم وذلك هو مولاهم، ومن كان يملك جرأة كبيرة فذلك هو الذي له الغلبة عليهم، ومن كان يتمتع بأكثر جسارة فذلك هو الذي يهبون له جميع الحقوق هذا هو حالهم، وهذا طبعهم الذي ألفوه منذ عهود... الأعمى وحده الذي لا يبصر هذه الحقيقة،
الناس يتغيرون يا صاح، الموتى والحمقى هم الذين لا يغيرون أفكارهم، يقول سقراط: لا شيء مثل الألم والصدمة يجعل الناس يتغيرون..
انا لا أبحث عن الودّ ولا تقتلني كراهيتكم، كونوا حقيقة مرة واحدة في حياتكم ذلك يكفي، رفقاً بذاتكم لقد أكَلَتْكُم الغواية فباتت كلماتكم عبثاً واحاديثكم هباءً وضجيجكم بلا معنى وارواحكم ليست جميلة، أنتم الآخرون والاستثناء لكل شيء!
أما أنا فلأنني من فئة الناس الملولين الذين يتألمون لكل أشكال الحمق أكثر مما ينبغي، فإني أرفض أشياءكم المكرورة وكلماتكم الممجوجة كما أرفض فئة المجانين أيضاً الذين يتناقشون بثرثة مستفزة.