ترنيمة في رحاب سيدنا .. !
أ.د عمر الحضرمي
06-04-2019 02:58 PM
سيدي صاحب الجلالة الهاشمية، سيدي ابن بنت رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، سيدي الرجل الصادق الوعد الذي لم يترك مناسبة، ولم يغادر موقعاً، ولم يفارق أرضاً، إلا ويكون قد ترك وراءه آلاف الرايات المغروسة في قلب الأحداث، رايات منسوجة من خيوط النداء الذي تنزّل على جدّه الأكبر في غار حراء، في قول وصل السماء بالأرض والملائكة بالبشر، رايات معقودة على نواصي الخيل وقناديل الخير.
سيدي جلالة الملك، منذ أيّام وأنا أطالع ذلك الشيب الذي بدا يغزو مفرقيك، فوجدت حبات من الطهر الأبيض قد تدافعت لتزيّن هذه الهامة التي لم تنحن إلا لله، عندها أحسست بذلك القلق الذي يملأ صدرك، وبذلك الخوف الذي يملأ جانبيك، قلق وخوف على البلد وعلى العروبة، وعلى أبناء أمة لا إله إلاّ الله، وتلك الخشية من أن تصيب البشر مفاجع ومصائب.
سيدي جلالة الملك، الشيء الذي يملأنا أملاً، نحن في الأردن وفي ديار الإسلام وأرض العرب، هو أننا في الأزمات نجد أنّ هناك فارساً هاشمياً قد أمتطى ألابْلَقَ من الخيل، وانطلق يسابق الريح ليكون في مقدمة المجاهدين، وفي أول المدافعين عن الحمى، ناسياً أن هناك حقاً لبدنه عليه، وحقاً لنفسه عليه، متأسياً بأجداده من بني هاشم الذين ضحوا بكل غالي ونفيس في سبيل نصرة القوم، دون أن يلتفتوا إلى حطام الدنيا أو متاعها الغرور.
سيدي صاحب الجلالة، شعرت، كواحد من أهلك وعشيرتك، بكل أصناف العزّة والزهو والكبرياء والفخر، وأنا أرى نفراً من كبار العالم وقد اختاروك ، وأنت تستحق وتستأهل، لتناول جائزة هي من الأغلى في هذه الأيام، هي جائزة تمبلتون"، ليرفعوا أصواتهم بالقول "جهودك مباركة، يا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت تسعى لتحقيق الوئام بين الأديان، فأنت حامي المقدسات الإسلامية والمسيحية في أرض المعراج ومسرى جدكم النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، وأنت الساعي إلى حماية الحريات الدينية في حزمة من الحقائق التي يصعب، إن لم يكن مستحيلاً، إنكارها.
وتابع طيفٌ آخر، مسيرة التقدير فكان الإجماع على منح سيدي صاحب الجلالة جائزة "مصباح السلام" تقديراً لجهودكم المباركة في بناء التآخي والسلام في المنطقة وفي أكنافها ، ولسعيكم الدؤوب في تعزيز حقوق الإنسان. ومن المعلوم يا سيدي أنكم ثالث شخصية في العالم تَجْمَع بين هاتين الجائزتين إذ كان إلى جانبكم الأم تيريزا والديلاي لاما.
وهنا يا سيدي استميحكم عذراً أن أقول، إن جهودكم المباركة هذه، والتي قدّرها العالم، هي في جينات نبوية كانت تتدافع في الأرحام والأصلاب الشريفة منذ أن بدأت رحلة سيدنا جبريل متنزّلاً على جدكم العظيم، ليحمل إليه رسالة من "السلام" لإفشاء السلام والأمن والطمأنينة بين الناس، وليقيم صرح المساواة والمؤاخاة بين البشر، ومن هنا كانت أكرم صفة أُطلقت على جدكم صلى الله عليه وسلم أن سّماه الله جل وعلا "رحمة للعالمين".
وما أن استقرت الرحال المحمدية في المدينة المنورة، وبدأت الأيدي الطاهرة المجاهدة تغرس بذور الدولة المباركة حتى كانت "صحيفة المدينة" التي تحدثت عن قيم ومبادئ وقواعد ومُثلُ هي من أرقى ما عرفته البشرية من يومها وحتى يرث الله الأرض وما عليها، في التآخي والتآلف والتعاضد والمساواة، فلماذا يا سيدي لا يكون هناك جائزة عالمية تسمى جائزة "صحيفة المدينة" التي حملتموها إرثاً عن سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، تُمْنح لأشخاص جاهدوا في سبيل بناء الاعتدال والعيش المشترك في زمن طغت فيه الطائفية الحمقاء والمذهبية المنكرة، وفي الوقت الذي حافظ فيه الأردن الهاشمي على الوئام بين الأديان ونبذ العنف وبناء الحوار، ورفض إقصاء الآخر بل واحترامه واحترام رأيه.
سيدي صاحب الجلالة، لم تغفل عينا جدكم ورفاقه، ولو للحظة، عن الرسالة السماوية التي كُلّف بها سيدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وحتى بعد أن غادروا الدنيا فقد ترك وتركوا لنا منهجاً ونبراساً وإرثاً هائلاً نرجو أن نكون قد فهمنا تفاصيله ومقاصده ومآربه.
سيدي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته