الكربونات لمقاومة انفلونزا الخنازير؟
حلمي الأسمر
11-09-2009 05:25 AM
عجائب وغرائب (وأكاذيب أيضا) الإنترنت لا تنتهي ، وكل يوم يحفل صندوق بريد الواحد منا بألوان مذهلة من الموضوعات ، تحتاج لتفرغ كامل لقراءتها وفرزها وتعقبها والتأكد من صدقيتها ، وغالبا ما أهمل هذه الرسائل ، لأنها تحتاج لوقت طويل جدا لتصنيفها ، فما بالك بالتأكد من مدى صحتها؟ إلا أن بعض الرسائل "تنكش المخ" فلا تستطيع أن تتجاهلها ، وتقول في نفسك: لعل فيها فائدة للناس، فلم لا يتم التأكد من صحتها؟.
من هذه الرسائل دعاء طويل عريض قيل أنه مكتوب على حيطان الجنة ، وأن من يقرأه يحدث له كذا وكذا ، وهو منسوب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكنني حينما بدأت بالتأكد من صحته ، تبين أنه حديث كاذب وموضوع ، ولا صحة أبدا لنسبته للرسول عليه الصلاة والسلام ، بل إن بعض عباراته تخرج عن اللياقة والتأدب مع الله عز وجل ، وبعضها فيه شبهة الشرك ، لأنها تتوسل بغير الخالق عز وجل ، فتخيلوا،.
هذه عينة لرسالة فيها ضرر على عقيدة المرء ، وربما من السهل التأكد من صحتها ، ولكن كيف للمرء أن يتأكد من صدق رسالة تتعلق بصحة الإنسان ، وتغريه بأنها قادرة على مساعدته على مواجهة واحد من أخطر الأمراض التي تهدد الناس في هذا الوقت بالذات ، وهو أنفلونزا الخنازير؟،.
الرسالة منسوبة لطبيب عربي ، يقول فيها أن تناول ملعقة شاي صغيرة جدا ممسوحة من مادة بيكربونات الصوديوم ، المسماة شعبيا (كربونة) أو (كربونات) كفيلة بقتل أي فيروس ، حتى ولو كان فيروس أنفلونزا الطيور أو الخنازير أو السارس ، ذلك أن هذه المادة تجعل الدم ذا وسط قلوي ، مع أن الفيروسات "تحب" الدم ذا الوسط الحمضي ، فالوسط القلوي لا تتحمله الفيروسات فتموت على الفور ، ويمضي الطبيب إياه إلى وصف عملية تناول "الترياق" إياه ، فيقول أنه يُعمد إلى إذابة مقدار ملعقة شاي ممسوحة صغيرة جدا من الكربونات في كأس من الماء ، ومن ثم شربها ، وبإذن الله فإن هذا الكوب كفيل بقتل أي فيروس ، على حد قول الطبيب ، وناقلي الرسالة ، وهم بالعشرات،.
على حد علمي ، فإن مادة الكربونات تستعمل لنفخ عجينة الخبز وعجينة الفلافل قبل طهيها ، أما أن تؤخذ هكذا وبهذه الكمية ، فلا أدري ما أثرها على صحة الإنسان ، وربما تشكل خطورة عليه ، من هنا أشعر بأهمية عدم التسليم بصحة كل ما يرد عبر البريد الإلكتروني ، خاصة ما يتعلق بصحة الدين والبدن ، وهنا مناسبة جيدة لاستفتاء الأطباء عندنا كي يدلوا برأيهم فيما نسب إلى زميل لهم بشأن الكربونات ودورها الساحر(،) في مواجهة واحد من أخطر أمراض العصر ، ولئن صح هذا الأمر ، فهذا يعني أن المرض أصبح في خبر كان ، وأن ملايين الدنانير سيتم توفيرها ، فبدلا من شراء لقاح باهظ الثمن ، بوسع الحكومة توزيع الكربونات بالكوبونات على جميع أفراد الشعب ، كي "يسفوا" منها ما شاء لهم السف،.
الطريف أن أخينا مرسل الرسالة روى ما سماه "تجربة شخصية" حين قال: منذ أيام قليلة مضت استيقظت وإذا بأعراض الزكام بدأت علي كارتفاع بسيط بالحرارة والرشح ، وفورا تذكرت حديث الطبيب وقمت بشرب كوب ماء مذاب به بيكربونات الصوديوم ، وأقسم بالله وأشهده على ذلك سبحانه وتعالى اختفت الأعراض بعد ساعات قليلة جدا،.
والأمر بين أيدي أصحاب الرأي من أطبائنا الأكارم.