تحقيق صحفي يرفع المعنويات
د. فهد الفانك
11-09-2009 03:47 AM
المراقبون في أميركا - مهد الأزمة المالية والاقتصادية - طاروا فرحا عند إعلان أرقام الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني ، فالانخفاض لم يزد عن 1% ، أما عندنا فإن النمو الإيجابي بمعدل 3 إلى 4 بالمائة يدعو البعض إلى الحزن على ما آل إليه الوضع الاقتصادي!.
اعترفوا بأن واجب الحكومة في المرحلة الراهنة بث روح التفاؤل والثقة كي ينتهي الجمود النسبي وينشط الاستثمار ، ومع ذلك تظل الغربان تبشر بالخراب وتصف من يرى المؤشرات الإيجابية بالسذاجة.
في عددها الصادر في 3/8/2009 نشرت مجلة نيوزويك الأميركية موضوع غلاف تحت عنوان (الركود الاقتصادي انتهى) وقدمت بعض المؤشرات والتوقعات التي تدعو إلى التفاؤل بقرب نهاية الأزمة والعـودة إلى الانتعاش واستئناف النمو.
ما جاءت به المجلة الأسبوعية كان عملا متميزا قوبل بالاهتمام على جميع المستويات ، فأشارت إليه نشرات الأخبار التلفزيونية ، وعلق عليه اقتصاديون ومراقبون متعددون ، بل إن الرئيس أوباما استهل خطابا اقتصاديا بالقول : هل رأيتم العدد الأخير من نيوزويك الذي يعلن انتهاء الأزمة الاقتصادية؟.
أجهزة الإعلام المختلفة أجرت مقابلات مع كاتب التحقيق (دانيال جروس) وخصصت له شبكة التلفزيون الوطني 12 دقيقة في عرض أخبار الصباح؟ ليس معروفا ما إذا كان ما جاءت به نيوزويك كان رمية من غير رام ، أم أنها اعتمدت على حقائق ومؤشرات مقنعة ، لكن المعروف أن توقيت النشر كان موفقا ، فقد توالت المؤشرات بعد النشر: الرقم القياسي لأسعار الأسهم سجل ارتفاعا عوض الخسائر التي تحققت خلال ثمانية أشهر سابقة ، ومعدل البطالة هبط ، وثقة المستهلكين وإقبالهم على شراء السلع المعمرة ارتفع ، وقام المحللون بمراجعة توقعاتهم ونسبهم المئوية بالاتجاه الإيجابي.
كاتب التحقيق كان على قدر من التواضع ، فلم يزعم أن تحقيقه المنشور قلب مناخ التشـاؤم إلى تفاؤل وأسهم في إنهاء الأزمة ، أما رئيس التحرير فقد قال مازحا ، لو كنت أعلم أن هذا المقال المتفائل سيصنع المعجزة لكنت قد نشرته قبل سبعة أشهر! وهو يذكرنا بقصة طلوع الشمس بعد صياح الديك.
ليس المطلوب نشر التفاؤل عن طريق التضليل فالحقائق كافية ، ولكن ليس من المفيد نشر التشاؤم دون تفهم للصورة العامة بجميع أبعادها.
الراي.