في العام 2003 وبعد انتخاب الأردنیین المجلس النیابي الرابع عشر انضم الى صفوف النواب 6 نساء وقد كانت أعلى نسبة حضور نسوي في مجالسنا المنتخبة حتى تاریخھ . في ذلك العام كان من بین النائبات من فضلن عدم المصافحة، الأمر الذي تسبب في جدل إعلامي وحرد سیاسي بقیت ذیولھ ماثلة. الیوم تشھد الولایات المتحدة الأكثر انفتاحا وحریة جدلا صریحا وواضحا وصادقا حول نفس الموضوع وبلغة وروح مختلفتین.
السناتور الأمیركي جو بایدن سیاسي مخضرم عمل نائبا للرئیس اوباما لفترتین رئاسیتین ولدیھ طموح كبیر في الترشح لكرسي الرئاسة في 2020 .حتى الیوم لا أحد یجد في سجل السناتور الذي ظل أحد أصوات العقل والتوازن في السیاسة الأمیركیة سوى أنھ یصافح النساء بطریقة غیر لائقة، الأمر الذي أثار زوبعة من النقد للعادة التي یتبعھا بایدن وأدى الى ظھور بعض الأصوات غیر المؤیدة لمسعاه في الترشح على خلفیة عادتھ في المصافحة.
السیاسي الذي عمل لأكثر من أربعة عقود مشرعا وسیاسیا وعضوا بارزا في الإدارة الأمیركیة یواجھ وابلا من الانتقادات بأنھ یقترب كثیرا من النساء عند المصافحة وتشعر النساء اللواتي یصافحنھ بحالة من عدم الارتیاح الناجم عن مصافحتھ، الأمر الذي دفع البعض من النسوة الى التصریح للإعلام بتولد ھذا الشعور لدیھن في الوقت الذي یرفض فیھ السناتور ھذه الاتھامات وینكر أنھ قام بأي فعل غیر لائق.
أمام حالة الجدل ھذه تصرح رئیسة البرلمان الأمیركي الدیمقراطیة نانسي بیلوسي بأن المھم لیس ما تعتقد أنك تقوم بھ بل ما یفھمھ الآخر في إشارة الى أنھا تتفق مع رأي النسوة اللواتي اعترضن على طریقة مصافحة بایدن.
لتجنب اللبس والجدل والإحراج فإن النائب بیلوسي تقترح بروتوكولا آمنا للمصافحة یقوم على مد الأیدي الى أبعد مسافة ممكنة وتصرف المتصافحین وكأن كلا منھما مصاب بالزكام بذلك یتحقق الغرض من المصافحة ولا یقع أي من المتصافحین في حرج اختراق المسافة الآمنة التي قد تؤدي إلى المبالغة في التصافح الى الدخول الیھا.
بعض الجدل الدائر في الاوساط السیاسیة والإعلامیة حول المصافحة وقواعدھا وأسسھا حقیقي والآخر مفتعل فقد اعتاد الأمیركیون الإمعان والتدقیق المیكروسكوبي في مسیرة وسجلات من یبدون رغبتھم في الترشح للرئاسة . في حالات كثیرة أسھم ھذا التدقیق في مغادرة بعض الشخصیات الاستثنائیة للسباق مبكرا.
الجدل الأمیركي الدائر یعید الى الأذھان فكرة المصافحة ومعناھا ووظائفھا وقواعد ممارستھا والجدل الذي قد یحدث أحیانا حول استخدامھا أو الإحجام عنھا.
المصافحة طریقة شائعة للتحیة غالبا ما یبدأ فیھا اللقاء. في معظم الثقافات یصافح الأشخاص بعضھم بعضا لبرھة قصیرة كتعبیر حیث تتلاقى أكف المتصافحین ویطوي كل منھم أصابع یده حول راحة ید المتصافح الآخر لبضع ثوان كاعتراف بوجوده وكشكل من أشكال الاتصال البدني الذي یعبر عن ایجابیة المشاعر ویؤسس للحوار والتفاعل.
تعود نشأة المصافحة الى مرحلة الاستئناس والرعي حیث ابتدع الانسان ھذه العادة لیعبر عن خلو الایادي من السلاح واستعداد المبادر للتواصل غیر العدواني مع الآخر لتسھم المصافحة في تقریب الأفراد وخلق الطاقة والشعور الإیجابي الذي یحقق التقارب ویلغي حالة التیقظ والعداء.
في المجتمعات الإسلامیة تحمل المصافحة نفس الرمزیة التي نجدھا في الثقافات الاخرى.
وبوضوح أكثر تقترن المصافحة لدى المسلمین بتردید المتصافحین جملتین یقول المبادر بالمصافحة “ السلام علیكم “ ویجیب المستقبل بعبارة ”وعلیكم السلام ورحمة الله وبركاتھ“.
الیوم ومع الخوف من انتشار الأمراض باللمس واختفاء التھدیدات والعیش في ظروف بدائیة وحرص الأفراد على خصوصیتھم وفردیتھم یسأل البعض عن جدوى وأھمیة المصافحة.
الغد