نهاية الأسبوع الماضي أعلنت وزارة المالية أن إجمالي الديّن القومي بلغ حتى نهاية عام 2018، 63.8 مليار دينار أردني او ما يعادل 89.8 مليار دولار.
الديّن القومي يشمل حسب ما جاء بتقرير المالية، الديّن الداخلي والخارجي للحكومة، وديون القطاع الخاص من البنوك المحلية.
بعيداً عن مصطلح "الديّن القومي الأردني" المصطلح الذي تشعر معه أنك أمام قارة مترامية المساحة، ذات بيئات استثمارية متشعبة، وبعيدا عن تشابك الأرقام التي قدمتها وزارة المالية والذي للأسف زاد في تيه الرؤية العامة، لكن، ما الذي تريده "المالية" بالضبط من بيانها؟
الحقيقة تبقى أن مديونية الحكومة حتى نهاية 2018 بلغت 28.5 مليار دينار. أما مصطلح ورقم "الديّن القومي" وما رافقه من غموض كان شيئاً جديداً على الأردنيين.
فما الذي يجري؟ وما هي الأسباب التي دفعت الحكومة لتسريب أو الإفصاح عن هذه الأرقام بعيداً عن إعطاء شرح!
حتى اللحظة، ما زالت الإجابة في علم الغيب، وهي بالتأكيد من مهمة الاقتصاديين للبحث عن الأسباب، ومحاولة فهم ما الذي تسعى الحكومة إليه، أو ما الذي تريد قوله.
كاقتصاديين نقول إن الديّن لوحده لا يعني الكثير إذا كان هناك إنفاق رأس مالي في مشاريع تنموية تُشغل فيها الأيدي العاملة، والاهم أن يكون هناك إيراد متحقق ليُمكن الجهة المقترضة على السداد.
في حال الحكومة، فقد ذهب الديّن لدفع الفوائد وقروض سابقة، ولا يوجد هناك قدرة على السداد بسبب ارتفاع العجز وضعف النمو، ناهيك عن مزاحمة القطاع الخاص في القروض المتاحة محلياً، وهذا يزيد في التراجع الاقتصادي.
أما في حالة القطاع الخاص، فإن الأخير يقترض لخلق مشاريع وتشغيل الأيدي العاملة، ولو فعلت ذلك الحكومات لكانت الاستدانة صحية، وفوق كل هذا وذاك، فإن سياسة الحكومات المبنية على رفع الضرائب والرسوم وتخطيطها المبني على الجباية، لن تُبقي للقطاعات الاقتصادية فرصة للاقتراض ونخشى من عدم استطاعتها على تسديد هذه القروض بسبب حالة الانكماش الاقتصادي.
أرقام قدّمتها الحكومة أمام مشهد يقول عن نفسه التالي: لا يوجد هناك خطط اقتصادية عابرة للحكومات، كما لا يوجد فريق اقتصادي يخطط ويشارك القطاع الاقتصادي، وهذا ما قاد إلى وجود خلل كان أحد الأسباب المهمة التي أدت إلى كل هذه الفوضى الاقتصادية التي نعاني منها.
إن الطريقة التي جرى خلالها تقديم الدين القومي في الأردن، أمر يدعو إلى التوقف عنده مطوّلا، لا بل ودراسته كأحد الأساليب الذكية للتخفيف من الصدمة المتوقعة لمثل هذه المعلومة.
لا أقول هذا في سياق المدح، إنما أعني أن الذكاء الذي يبديه الرسمي أحيانا، في "تمرير" بعض المعلومات، أو السياسات، يبدو خارقا لعادات الحكومة.
*رئيس حملة "صنع في الأردن" وكاتب في الشأن الاقتصادي