عن اخلاقيات قيادة المركبات ومخاطرها
10-09-2009 01:39 PM
كان لي نصيب من المواقف الخطرة في الحياة، فقد نجوت وأنا طفلة من هزة أرضية كبيرة في كراكاس وهبوط اضطراري من رحلة من بيلم إلى ريو ديجانيرو . وكصحفية نجوت من الخطف والحروب، معتقدة أنني مررت بكل شيء، لكن تغير اعتقادي منذ أيام خلال قيادتي لسيارتي على طريق المطار من منزلي إلى مقر عملي.
أحب أن أقول لكم بأنني من الناس الذين يحترمون قوانين وأنظمة السير، وأقود سيارتي حسب السرعة المحددة حتى وان كانت أربعين كيلومترا في الساعة، رغم عدم قناعتي بذلك ، لكني من انا حتى أجادل في هذه المسألة.
لذلك، عندما أقود سيارتي تكون قدمي دائما على كابح السرعة وعيني على العلامات التي تحدد مقدارها، فخورة بالتزامي وراضية عن نفسي. لكن هذا لم يشفع لي ، فالسيارات والشاحنات بمختلف أحجامها كانت تتجاوزني في ذلك اليوم يمينا ويسارا بينما يستخدم سائقوها أبواق مركباتهم بعصبية بالغة ناظرين إلي بحنق شديد، وهم يشيرون بأيديهم بحركات تنم عن الاستياء.
حاولت أن أحافظ على هدوئي، غير مكترثة بكل ما تفوهوا به من كلمات وعبارات غير لطيفة. قمت بالإستمرار بقيادتي وأنا مصممة على عدم التأثر بتلك التصرفات. فجأة تجاوزتني إحدى السيارات من جهة اليمين وبدا السائق بتحريك كلتا يديه بإشارات عصبية، وقرر أن يترجم غضبه هذا بالوقوف المفاجئ أمام سيارتي. ورغم استطاعتي أن أتحاشى اصطداما مروعا، الا ان الامر لم يخلو عن إصابتي ببعض الرضوض، وما كان مني إلا أن أشرت له إلى اللوحة التي تحدد سرعة السير، ولكن السائق أخرج رأسه من نافذة السيارة قائلا لي: في رمضان ليس هناك سرعة محددة والكل في عجالة كونها ظروف اسثنائية، وعلي أن أفسح الطريق لضمان المرور السريع.
في الحقيقة لم يخطر في بالي أمر كهذا، وبينما كنت أمعن التفكير فيما قاله ذلك السائق وأعاتب نفسي لأنني لم آخذ ذلك بعين الاعتبار، تجاوزتني شاحنة وظل سائقها يقود مركبته أمامي يمينا ويسارا في دلالة واضحة على استياءه، واضعا حياته وحياتي في خطر.
ولكنني لاحظت أن السائق قد كتب على مؤخرة شاحنته عبارة "كيف ترى قيادتي؟" مع رقم الهاتف، لذا فكرت بأن هذا هو الوقت المناسب كي اتصل به لأعبر له عن رأيي بأسلوب قيادته.
حاولت بعناية أن اخرج هاتفي النقال للاتصال بالرقم المكتوب على الشاحنة لكن ما أن انتهيت من طلب ألرقم حتى استوقفني شرطي المرور. النتيجة كانت أنني حصلت على مخالفة لاستعمالي هاتفي النقال وأنا أقود السيارة.
أترككم تستنتجوا النتائج التي ترجونها، ولكن لدي كلمة أخيرة اود أن أقولها وهي أن على دائرة السير أن لا تكتفي بأجراء امتحان للقيادة بل ايضا امتحان للأخلاق لان القيادة: فن وذوق وأخلاق.
نقلا عن الجوردان تايمز