قلت في مقال سابق أن جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين نقل بحديثة في مدينة الزرقاء معركة الوطن ومعركة القدس من وراء الكواليس إلى خشبة المسرح, فصارت معركة علنية, وقلت أيضاً أن جلالتة كان يعلن خوض معركة الوطن والقدس وهو واثق بأن شعبه معه, ومن ثم أمته العربية والإسلامية معه أيضاً, وقلت أنه حتى لا يخيب ظن جلالته بنا فإن علينا ان نؤجل كل معاركنا الجانبية, وأن نعيد ترتيب أولوياتنا, وأن نثق بقيادتنا ووطننا كل ذلك من أجل أن نتفرغ لمعركة الوطن ومعركة القدس وأن ننتصر فيهما , وهما في النهاية معركة واحدة.
بالإضافة إلى كل ذلك فإنه من المهم في معارك الوطن ان نستحضر كل مخزوننا التاريخي باعتبارنا ورثة ميشع الملك الأردني المؤابي الذي انتصر على الإسرائيلين وخلد انتصاراته على مسلته المعروفة, والتي آن اوآن استعادتها لتكون جزء من بناء ذاكرتنا الوطنية التي تدفعنا الى الانتصار في معارك الوطن كما فعل اسلافنا.
ومثل استحضار ميشع وعظمته العسكرية فان علينا ان نستحضر ارث وسيرة "الحوارث" من ملوك اسلافنا الانباط, الذين حفروا المدينة الوردية وجعلوا من صخر بلادنا معجزة انسانية على مر العصور, مثلما كانت جيوشهم تحمي قوافلهم فلا تجرؤا أعتى الامبروطوريات على الاقتراب منهم, فعندما نستعيد الصفحات المشرقة من التاريخ الحضاري والعسكري لاسلافنا فاننا نتذكر اننا ابناء هذه الارض, ولنا كل ما فوقها وكل ما تحتها من كنوز ومقدسات وهذه ذخيرة معنوية تساعدنا في معركة الوطن والمقدسات.
ومثل استحضارنا لتاريخنا البعيد فانه لابد من استحضار التاريخ القريب لوطننا الاردني, فمن ميشع الى الانباط, وعبر كل مراحل التاريخ جرت معارك الحسم العسكري التي غيرت وجه منطقتنا بل والعالم كله في كثير من الاحيان جرت فوق تراب الاردن, فعلى ثرى الاردن جرت اول معارك الحضارة العربية الاسلامية خارج جزيرة العرب في سهول مؤتة, عقدة العروة الوثقى بين الهاشمين والاردنيين, وعلى ثرى الاردن جرت معركة اليرموك التي عربت بلادنا واخرجت الرومان منها خروجاً ابدياً, وعلى ثرى الاردن عسكر جنود حطين ومن الكرك خرج الناصر داود لتحرير القدس, وعلى ثرى الاردن جرت اهم معارك الثورة العربية الكبرى, التي انطلقت لتعيد العرب الى خارطة الوجود بعد ان طوتهم الهوية العثمانية, وحاولت طمسهم المخططات الطورانية, لتكون معارك الثورة سبب لتحرير بلادنا من الطورانين, وسبيلاً لاحياء الوجود العربي, وتجديداً للعهد والبيعة من الاردنيين للهاشميين, وبهذا العهد حقق الاردنيون الانتصارات الساحقة في معارك القدس وباب الواد, وبه كسرنا في معركة الكرامة اسطورة الجيش الذي لايقهر, فلنستحضر ذلك كله لانه من اهم مقومات رفع روحنا المعنوية التي نحتاج إليها كثيراً للإنتصارفي معركة الوطن, وحتى لا يخيب ظن القائد بنا.
Bilal.tall@yahoo.com
الرأي