“امريكا اولا” ليس شعارا لفظيا يرفعه الرئيس ترامب وإنما هو برنامج لفرض نظام عالمي جديد وإقصاء نظام متعدد الأطراف، فالولايات المتحدة تتصرف مع حلفائها وخصومها حسب قانون الدولة العظمى ذي مصالحنا اولا حتى ولوعلى حساب الشركاء.

الأسبوع الماضي أصدرت الولايات المتحدة تحذيرا صارما لإسرائيل على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو مفاده أن علاقات التعاون الأمني بين البلدين سوف يتم تخفيضها اذا استمرت اسرائيل في تعاونها مع الصين ، ومن المثير ان هذا التحذير جاء في نفس اليوم الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة نيتها الاعتراف بسيادة اسرائيل على هضبة الجولان ، وقد اضاف بومبيو : اذا لم تقم اسرائيل بإعادة تقييم علاقاتها مع الصين فان الولايات المتحدة ستقوم بتقليص التبادل الاستخباري وتقليص عدد الوحدات والمراكز الأمنية المشتركة.

ورغم ان الصين تشكل فرصة تجارية لبعض الدول لكنها بنظر الولايات المتحدة تمثل أيضا خطرا على هذه الدول حيث يقول بومبيو: عندما تتصرف الصين كمصيدة للديون dept as a trap وعندما تدفع الرشاوي وعندما تنفذ عمليات تجسس صناعية من خلال الشركات المملوكة للحكومة وعندما تشكل خطرا من خلال شركات التكنولوجيا مثل هواتف هواوي و ZIT ، عندما يحدث كل هذا نريد التأكد من ان الدول الحليفة لنا تدرك هذه المخاطر وبعدها ستتخذ هذه الدول قرارتها السيادية بشأن الصين وسنفعل ذلك نحن أيضا ، نحن لا نعارض الانفتاح الاقتصادي الإسرائيلي على الصين لكن هناك أنظمة صينية معينة اذا انتقلت الى أماكن محددة فان هناك إشكاليات قد تطرأ على قدرة الولايات المتحدة على العمل المشترك مع اسرائيل ولن نتمكن في بعض الحالات من القيام بذلك .

وقد صدرت التحذيرات الامريكية بسبب تزايد العلاقات التجارية بين الصين واسرائيل حيث تقوم الشركات الصينية المقربة من الحكومة المركزية بتنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية في اسرائيل مثل سكة القطارات الداخلية وشق الأنفاق في جبال القدس, لكن المشاريع التي تثير حفيظة الأمريكيين بشكل خاص هو نشاط الشركات الالكترونية الصينية ومشروع توسعة ميناء حيفا بالقرب من قواعد البحرية العسكرية الاسرائيلية التي يستخدمها الأسطول الامريكي حيث تعتقد المخابرات الامريكية ان ذلك يشكل تهديدا لنقل خبرات تكنولوجية حساسة الى الصين ويتيح تجسسا صينيا على الولايات المتحدة .

لم تكن تلك المرة الاولى التي يطرح فيها مسؤلون أمريكيون مسألة التعاون الصيني الاسرائيلي لكنها المرة الاولى التي هددت امريكا فيها باتخاذ رد حازم وقد المح الى ذلك أيضا مستشار الامن القومي جون بولتون حيث قال ان استمرار الشركات الصينية في تنفيذ مشاريع البنية التحتية سوف يصعب من التعاون مع البحرية الامريكية وأضاف: نظموا تجارتكم مع الصين أو ننظمها نحن ، وعلق مسؤلون اسرائيليون على ذلك بالقول ؛ ان المسؤولين الأمريكيين انفجروا في وجوهنا .

اردنيا ، اثيرت مؤخرا قصة التحذيرات الامريكية من التعامل مع سوريا ونقلت بعض المصادر البرلمانية ان لقاءا عقد بين الملحق التجاري الامريكي ورجال اعمال اردنيون حذرهم فيه من مغبة التعامل مع شركات سورية ، والحقيقة ان الملحق التجاري لم يجتمع مع احد , وان الاجتماع موضوع البحث تم بواسطة رئيس القسم الاقتصادي في السفارة وان الهدف منه مرتبط اولا وأخيرا بمصلحة الاردن حيث تخشى الولايات المتحدة ان تقوم الشركات الاردنية بانتهاك العقوبات الامريكية المفروضة على النظام السوري وتابعيه ، وهو ما قد يعرض البنوك والمؤسسات المالية الاردنية لخطر ادراجها في قوائم محظورة .

اسوق واقتبس كل تلك التحذيرات لكي اؤكد ان ما ينطبق على الدول الاخرى ينطبق على اسرائيل ,عندما تتعرض مصلحة الدولة العظمى للخطر لا يصبح مهما من تكون في شبكة تحالفاتها، دول اوروبية كبرى وشركات عملاقة اوقفت تعاملاتها مع ايران خوفا من العقوبات الامريكية لان كل خيوط النظام المالي العالمي محبوكة بشدة مع النظام المالي الامريكي, هذا هو ثمن العلاقة والارتباط مع دولة عظمى سواء كنت تحبها او تكرهها يجب ان ترقص معها .

Mutaz876@gmail.com

الرأي