نحو قرار تاريخي أَبْلَج ..
د. نضال القطامين
31-03-2019 02:42 PM
تجري تحضيرات القمة العربية الثلاثين في تونس بوتيرة لا تشي باكتراث عربي حيال سماء السياسة الملبّدة بالغيوم ولا العواصف التي يمكنها اجتياح المواقف "المبدئية".
وحده الأردن من يملك جدول أعمال واضح. لن يتحدث جلالة الملك عن أزمتنا الإقتصادية. لن تتضمن كلمته عتاب ذوي القربى وقد تراجعت عندهم أولوية دعم دول المواجهة. سيكون خطابه متجها إلى بوصلة واحدة. القدس وما تلاها.
على مرّ التاريخ، نهض هذا الوطن بعبء التفكير عن غيره، وحمل ما لا يطاق حمله، ولم يكن ذاك استعراضا بالكلام وبالخطابات، بل اقترن بدماء الشهداء العسكريين والسياسيين والمدنيين، دون منّة ودون انتظار إطراء. لقد كان ذاك لزاما أوجبته مبادئه وتاريخه الناهض على الحرية والعدل والعروبة.
يصهل حصان هذا الوطن وحيدا في ميادين تكالبت على أطرافها الضباع. يصول بالسيف فارسه، وبالحكمة، لكنه أبدا ما استكان لتعب ولا لمُخَاتَلَةٌ ولا لخداع.
سيبحث " القادة" ملفات جدول اعمال تقليدي. سيفترقوا حتى موعد القمة الجديد، دون تحقيق شيء على الأرض، وسيعود كل منهم نحو أزماته المفتعلة. لن تحظى الجولان ولا القدس بأكثر من خطاب لا يُنبي سوى بالسَّهْو والغَفْلَة عمّا ينخر في جسد هذه الامة ومبادئها، ورُقادٌ طويل ضاعت في أحلامه الوهمية كل ثوابتنا الكبيرة التي صنعها الكبار.
لا يعوّل جمهور العرب العريض على قمم القادة كثيرا. في الحقيقة لا يعوّلون عليها شيئا. نسف تاريخها الباهت كلّ أمل كان بإمكانه حمل احلام الناس وطموحاتهم.لسنا بحاجة لقمم ابتسامات باهتة.
لا يفتقر الناس لاستعراض أَجْوَف. الحاجة الآن تدعو لقرار تاريخي أَبْلَج، وكلمة صريحة ساطعة، حيال مستقبل الإقليم وصفقات الدول التي بات جليّاً انها غير عابئة بمواقف العرب أو انها تضمن سكوتهم على الأقل.
لا نريد خطابات ولا حماسات زائفة، نريد فعلا جليّاً على الأرض، واستثماراً نافعاً للحضور الدولي الذي بات سمة أساسية في القمم، وعلى الأقل، ليسمعوا الامم المعتدلة، صوت خوفنا من مآزق السياسة وعروض تجّارها الذين لا يستهويهم سوى المقامرة بمستقبل العالم بأسره.