ترامب .. وحالة الضعف والتشظي العربي
د. صبري ربيحات
31-03-2019 12:18 AM
المواقف الأمیركیة من القانون الدولي والھیئة الاممیة والقضایا التي تشغل العالم كانت وما تزال غریبة ومتباینة ومثیرة للاھتمام. ففي الوقت الذي ینظر فیھ البعض إلى الولایات المتحدة كنموذج لممارسة الحریة واحترام حقوق الانسان وإطلاق طاقات الأفراد یجد البعض صعوبة في فھم تجنب الولایات المتحدة أن تكون طرفا في بعض الاتفاقیات الدولیة ذات الاھمیة في الجوانب الانسانیة والحقوقیة ومعارضتھا للاجماع الدولي في مجلس الامن واستمرار إصرارھا على حمایة اسرائیل بنقض القرارات التي تدین سلوكھا وإجراءاتھا في السیطرة على الأراضي العربیة وحرمان الشعب الفلسطیني من حقھ في السیادة على أرضھ ومقدساتھ.
في التاریخ الأمیركي الحدیث لم یظھر زعیم یستخف بالقانون الدولي ویملك جرأة على اتخاذ قرارات تخالف التقالید وتتجاوز على حقوق الشعوب ویستمر في التعبیر عن استخفافھ بالآخر كما فعل ویفعل الرئیس الامیركي دونالد ترامب.
الرئیس الذي أثار وصولھ إلى البیت الأبیض المخاوف لدى العدید من القادة والسیاسیین واستھل ولایتھ بالعدید من القرارات والوعود التي شكلت انقلابا على السیاسات الأمیركیة والعلاقات التي كانت الولایات المتحدة طرفا وشریكا وراعیا لھا فقد اعلن قراره القاضي بمنع دخول رعایا عدد من الدول الإسلامیة لبلاده وقرر الانسحاب من بعض الاتفاقیات المتعلقة بالتجارة البینیة والمناخ وباشر مطالبة الكونغرس بتوفیر الاموال اللازمة لبناء جدار عازل بین الولایات المتحدة والمكسیك في سابقة أثارت الشكوك الأمیركیة حول مستقبل القیم والمبادئ التي طالما نادى بھا
الرواد الاوائل وخلق احساسا بالتوتر مع الجیران خصوصا وانھ طالب المكسیك المشاركة في تمویل مشروعھ العملاق.
اقلیم الشرق الأوسط والعالم العربي كان أكثر مناطق العالم تأثرا بالسیاسات التي تبناھا ترامب والقرارات التي اتخذھا منذ أن اصبح رئیسا لأكثر بلدان العالم قوة ونفوذا. فما ان باشر مھامھ الرئاسیة حتى جدد الوعد الذي قطعھ للیھود بنقل السفارة الأمیركیة في اسرائیل الى القدس والاعتراف بھا كعاصمة لھم متجاھلا الحقوق التاریخیة العربیة والقوانین والقرارات الدولیة التي تعتبرھا أراضي محتلة یجري التفاوض على تسویة الخلاف علیھا في عملیة سلام استندت الى اتفاقیة جرى توقیعھا منذ نصف قرن.
مستغلا المخاوف التي تسیطر على الانظمة العربیة المعادیة للدیمقراطیة واستعداده للتغاضي عن ممارساتھا الخارجة على القوانین والاعراف الدولیة، وعمل الرئیس ترامب على تعمیق مخاوف الانظمة العربیة من الوجود الایراني ودعا الزعامات العربیة الى تجاوز مخاوفھا ومشاعرھا المعادیة لإسرائیل في سبیل تشكیل حلف عربي اسرائیلي جدید یقف في وجھ الخطر الایراني كما تتصوره اسرائیل وبعض الانظمة العربیة.
خلال السنوات التي تولى فیھا ترامب السلطة توقفت الادارة الامیركیة عن الضغط على الانظمة التي تقید الحریات وتغاضت ادارتھ عن بعض الجرائم وتقدمت الصفقات التجاریة على برامج الاصلاح وبقي الرئیس وفریقھ ملتزمین بالوعود التي قطعھا للقوى الیھودیة والقیادات الاسرائیلیة دون الاكتراث لحقوق الفلسطینین او مستقبلھم مستفیدا من حالة الارتباك التي یشھدھا الاقلیم والتشظي القائم بین دول وانظمة الاقلیم.
في مقابلة اجرتھا احدى المحطات التلفزیونیة الامیركیة مع الرئیس ترامب بعد توقیعھ قرار الاعتراف بضم الجولان المحتل لاسرائیل اشار صراحة بانھ اتخذ قراره بنقل السفارة للقدس دون ان یحدث ردة فعل عربیة او عالمیة وھا ھو یتخذ ھذا القرار الذي یعترف بضم الجولان دون ان یحدث شيء. الانتھازیة التي یتمتع بھا الرئیس والغطرسة ومشاعر الازدراء التي یحملھا للعرب الذین یبدون في اسوأ اوضاعھم ھي العوامل التي دفعت بھ لاتخاذ ھذه القرارات العدوانیة المخالفة لكل القواعد والتقالید التي یتفق علیھا العالم.
الغد